يحتضن متحف اللوفر معرضا هو الأول من نوعه الذي يقام حول مدينة بابل في فرنسا، جامعا 400 قطعة أثرية متنوعة جلبت بشكل أساسي من متحف "الشرق الأدنى" في برلين ومن متحف "البريتيش ميوزيوم" في لندن، وضمّت أيضا مجموعة اللوفر الخاصة بالحضارة البابلية· واستفاد المعرض من إعارات استثنائية من مجموعات توزعت على 13 بلدا، وسينتقل المعرض بعد باريس إلى متحف المدينة في برلين بين 26 جوان و5 أكتوبر، وكان المعرض قد قدم في المتحف الوطني البريطاني لغاية الأول من مارس· ونقلت صحيفة "العرب" اللندنية عن المنظمين قولهم إنّ المعرض يهدف إلى إحلال نوع من المصالحة بين التاريخ وبين الحكاية فيما يخص بابل التي عاشت نحو 5 آلاف قرن ولا زالت موجودة اليوم إلاّ أنّ الجيش الأمريكي حوّلها إلى قاعدة عسكرية· ويتضمّن المعرض عددا من الأدوات التي تدلّ على الدور الكبير التاريخي والثقافي الذي لعبته المدينة القديمة، حيث ولد أول قانون في العالم هو قانون حمورابى المنقوش على مسلة واردة ضمن المعروضات وهي خاصية متحف اللوفر· يبرز المعرض هندسة المدينة وسورها في إشارات وعلامات حملها علماء الآثار وخاصة الألمان الذين عملوا بداية القرن العشرين في الحفريات في بابل التي وصل إشعاعها إلى كلّ الشرق الأوسط القديم، ويمكّن المعرض أيضا من اكتشاف أعمال وكتابات مسمارية لم تعرض أبدا في فرنسا بالاستناد إلى آثار تبيّن كيف مرّ تاريخ المدينة الاستثنائي بأربع مراحل كبيرة، كما يسعى معرض اللوفر إلى الجمع ما بين معطيات علم الآثار والأبحاث والمصادر النصية وأيضا إلى مقارنة حضارة بابل بالحضارات التي عايشتها والتي تلت لمعرفة ما قدمته بابل للحضارة الغربية في جذورها· ويقسم المعرض إلى 3 أقسام موزعة على نحو متسلسل تاريخي يقدم المدينة ومميزاتها من الأزمنة القديمة لغاية القرن العشرين ثم ينتهي بمحاولة لإعادة اكتشاف الحضارة البابلية على ضوء آخر ما توصلت إليه الحفريات، يركّز القسم الأول على مرحلة حكم حمورابى لبابل بداية القرن الثامن عشر قبل الميلاد فتحت راية هذا الملك المثال تحولت بابل إلى مركز للإمبراطورية والى عاصمة للدين والثقافة تمحور بناؤها حول المعابد خلال نحو ألفي عام، وحفظت الآثار من هذه الفترة منحوتات، تماثيل، أدوات نحاسية، منحوتات، نقوش، أقواس نصر، مسلات، شواهد قبور إضافة إلى مجوهرات وخرائط· ويتمحور القسم الثاني من المعرض حول مرحلة الألف الثاني ق·م، حيث شهدت بابل تراجعا سياسيا ولكن بقيت مركزا ثقافيا دوليا تنشر تعالميها وكتاباتها في زمن كانت فيه اللغة البابلية، لغة الدبلوماسية والثقافة من إيران إلى مصر، وقد أتاح هذا الأمر نشرا واسعا وعميقا للثقافة وللأفكار في منطقة ما بين النهرين، وتؤكد قطع المعرض على أهمية التعامل التجاري بين منطقة الشرق الأوسط وانتشار ملحمة "جلجامش" والمواضيع الأدبية الكبرى· أمّا الجزء الثالث، فيخصّ مرحلة "نبوخذ" نصر حيث بلغت الحضارة البابلية أوجها بين العامين 605 و562 قبل الميلاد بعد انحلال الإمبراطورية الآشورية وعودة الأولوية لبابل التي تحولت إلى قطب عالمي يتخطى تأثيره المنطقة·