تتواصل المباحثات والنقاشات على أكثر من صعيد من أجل التوصل إلى تسوية سلمية للأزمة المتفاقمة في ليبيا والتي أخذت أبعادا دولية في ظل استمرار العملية العسكرية التي تقودها قوات التحالف الدولي منذ أسبوع في هذا البلد بتفويض من مجلس الأمن الدولي بهدف حماية المدنيين. ففي الوقت الذي ينتظر أن تحتضن فيه العاصمة البريطانية هذا الثلاثاء قمة دولية حول ليبيا للتوصل إلى تسوية سلمية للأزمة عقد الاتحاد الإفريقي اجتماعا أمس بمقره باديسا أبابا لنفس الغرض. وأعلن أمس الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أن كلا من باريس ولندن بصدد الإعداد لمبادرة تهدف التوصل إلى تسوية سياسية ودبلوماسية في ليبيا بعيدا عن التدخل العسكري. وقال الرئيس الفرنسي في ندوة صحفية على هامش قمة الاتحاد الأوروبي أن ''المرحلة القادمة ستكون قمة لندن حول ليبيا، حيث سيبحث أعضاء التحالف مسألة الحل السياسي والمراحل القادمة في العملية العسكرية''. وأضاف انه ''قبل هذه القمة اقترح رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون وأنا موقفا مشتركا فرنسيا-بريطانيا يقضي بأن الحل لا يكون فقط عسكريا ويجب أن يكون مدعوما سياسيا ودبلوماسيا''. ورغم أن الرئيس ساركوزي لم يقدم تفاصيل أكثر عن هذا الموقف فإن ذلك يؤكد أن الجانبين الفرنسي والبريطاني اللذين كانا من الأوائل المبادرين بشن العملية العسكرية على ليبيا قد استشعرا مخاطر الاعتماد على الحل العسكري خاصة وان العملية لم تمنع من سقوط المزيد من المدنيين كما هو مسطر لها وإنما راح ضحيتها العديد من الأشخاص منذ اليوم الأول لانطلاقها. ثم إن باريس ولندن تكونان قد اضطرتا إلى البحث عن حل سلمي للوضع المتأزم في ليبيا بعدما تزايدت حدة الأصوات الرافضة لاستمرار القصف الجوي على ليبيا والمحذرة من خطورة انحراف العملية العسكرية عن هدفها في حماية المدنيين لتأخذ طابعا احتلاليا لدولة ذات سيادة. من جانبه دعا الاتحاد الإفريقي في اجتماعه أمس إلى الوقف الفوري للاقتتال الدائر في ليبيا وفتح أبواب الحوار بين أطراف الأزمة الليبية قبل التوجه إلى مرحلة انتقالية ديمقراطية. وحضر الاجتماع وفد حكومي ليبي بقيادة الأمين العام للمجلس العام للشعب محمد أبو القسيم زوايي إضافة إلى ممثلين عن الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي، فيما لم يتم تسجيل أي حضور لممثلين عن الثوار الليبيين. وكان أعضاء الحلف الأطلسي توصلوا مساء أول أمس إلى اتفاق سياسي بتسلم المنظمة في غضون أيام قيادة العملية العسكرية التي تشنها قوات التحالف الدولي ضد ليبيا منذ أسبوع بتفويض من مجلس الأمن الدولي. وجاء هذا الاتفاق بعد أيام من المفاوضات الحادة حول الدور الذي يمكن للمنظمة أن تلعبه في تسوية الأزمة المتفاقمة في ليبيا خاصة وان عدة دول وحتى العضوة في الحلف أعربت عن رفضها لعمليات القصف التي تشنها قوات التحالف الدولي منذ 19 مارس الجاري ضد ليبيا. ووصف وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ الاتفاق ب''التقدم الجيد'' وأعرب عن اعتقاده في أن يتولى حلف الناتو قيادة كل العمليات العسكرية في ليبيا في ظل إسهام الدول العربية المشاركة في العملية. ونفى رئيس الدبلوماسية البريطاني وجود خلافات على مستوى المجموعة الدولية حول دور الحلف الأطلسي في ليبيا، مشيرا إلى أن الأمور ستتضح يوم الثلاثاء المقبل بالعاصمة لندن خلال اجتماع وزراء خارجية الدول المشاركة في العملية العسكرية. وكانت مصادر على صلة بالحلف كشفت أن هذا الأخير سيقوم بالمصادقة على المخطط العملي النهائي نهاية الأسبوع ليتم بعد ذلك تنفيذه على ارض الميدان. وهو ما يتناقض مع تصريحات انديرس فوغ راسموسن الأمين العام لحلف الشمال الأطلسي والذي تحدث عن تنفيذ عمليتين تتعلق الأولى بمنع تحليق طائرات القوات الموالية للعقيد القذافي بينما أكد أن تنفيذ ضربات على الأرض يبقى من اختصاص قوات التحالف. وأشار راسموسن إلى أن المشاورات بين دول الحلف متواصلة من اجل توسيع مهمة الحلف لتشمل تنفيذ عمليات أخرى. وكانت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون أعلنت أن بلادها وافقت على نقل قيادة فرض منطقة حظر الطيران فوق ليبيا إلى منظمة حلف شمال الأطلسي. وقالت ''نخطو الخطوة المقبلة ...اتفقنا مع حلفائنا في الناتو على نقل قيادة ومراقبة منطقة حظر الطيران فوق ليبيا إلى الناتو'' كما أضافت أن جميع أعضاء الناتو ال28 حاليا ''يفوضون السلطات العسكرية بوضع خطة عمليات للناتو للاضطلاع بالمهمة الأوسع لحماية المدنيين''.