ترى العديد من الأحزاب السياسية أن التغيير السياسي يجب أن يباشر به النظام القائم وأن يكون داخله في حين ترى أحزاب أخرى أن هذا التغيير يجب أن يكون عن طريق جمعية تأسيسية تعيد النظر كلية في الدستور. ففي حين تطالب أغلبية الأحزاب النظام بالقيام بإصلاحات على رأسها تعديل الدستور وفتح المجال السياسي والحريات المختلفة تطالب أقليتها بالتأسيس لجمهورية ثانية. (وأ) فيرى حزب جبهة التحرير الوطني بأن للنظام الحالي الرئاسي جوانب إيجابية وأخرى سلبية لأنه ''لا يكون صالحا وفعالا إلا عندما تكون مؤسسات الدولة كاملة ويكون اقتصادها متكاملا'' وأن الصلاحيات الواسعة المخولة دستوريا لرئيس الجمهورية ضرورية لتجاوز الأمور السياسية غير المتوازنة. وعبر المكلف بالإعلام السيد قاسا عيسي عن تأييد جبهة التحرير الوطني لمراجعة الدستور. داعيا إلى إصلاحات تدريجية تبدأ بتوفير الظروف السياسية والاقتصادية وتحسيس الرأي العام بالتغيير عن طريق الحوار. أما عن سؤال خاص بقدرة النظام القائم على تغيير نفسه بنفسه والاستجابة للتطلعات وإفرازات الأوضاع الجديدة في ظل ظروف جديدة يرى السيد عيسي بأن التغييرات يجب أن تكون سلمية وبمشاركة الجميع وبفتح نقاش واسع في المجتمع تشارك فيه مختلف الفعاليات. غير أنه أكد بأن النقاش داخل الحزب متواصل حول موضوع الإصلاح وأن رئيس الجمهورية هو الذي يحدد إطاره المؤسساتي. أما حركة النهضة فتفضل النظام البرلماني كنظام سياسي مع سلطات مستقلة عن بعضها البعض وتوسيع الحريات السياسية والنقابية والإعلامية. وقال رئيس الكتلة البرلمانية للنهضة السيد علي حفظ الله بأن حزبه مع نظام تعددي يعطي الحكم للأغلبية، والأقلية من شأنها أن تعارض. مشيرا إلى أن الدستور الحالي ''لا هو رئاسي ولا هو برلماني، ويجب أن يعدل ليصبح مكرسا للتعددية وللنظام البرلماني ولانتخابات تعددية حرة لا تحسم مسبقا''. وأكد بأن لحركة النهضة ثقة في إمكانية إحداث النظام الحالي لهذا التغيير، معبرا عن رفضه ل''دوامة عنف جديدة'' واختياره ''لأخف الأضرار''. وتقترح حركة النهضة أن تفتح مشاورات واسعة في أوساط الطبقة السياسية والمثقفين -بمجرد إعلان رئيس الجمهورية لتعديل الدستور إن حدث- وأن تكون لجنة مستقلة لجمع الآراء على أن ينظم مؤتمر وطني يجمع الفعاليات والشخصيات الوطنية. ففي حين تطالب مختلف الأحزاب بالتغيير، يدافع التجمع الوطني الديمقراطي عن النظام القائم رغم دعوته إلى توسيع أكثر للمجال السياسي والديمقراطي لتكريس الديمقراطية والتعددية البرلمانية والإعلامية والحزبية. وقال الناطق الرسمي للحزب السيد ميلود شرفي أن حزبه مع النظام الديمقراطي الجمهوري. مضيفا بأن رئيس الجمهورية هو الوحيد الذي بإمكانه أن يحدد إذا كان الدستور يقتضي أي مراجعة. ورغم تفضيلها للنظام البرلماني تعتبر حركة مجتمع السلم أن لكل نظام سياسي سلبياته وإيجابياته وأن المهم هو أن يكون ديمقراطيا بالفعل. وبعد أن عبر المكلف بالإعلام في الحركة السيد جمعة محمد عن وقوف حزبه مع الداعين إلى تعديل الدستور للفصل بين السلطات وتحديد العهدات الرئاسية وتوازن السلطات في الدستور المعدل أكد على ضرورة الإبقاء على المواد الصماء المتعلقة بالثوابت الوطنية من دين، لغة ووحدة ترابية وغيرها. وأكد بأن حركة مجتمع السلم مع الإصلاح وليست مع الثورة. مضيفا أن الإصلاحات لا بد أن يسبقها حوار بين الطبقة السياسية وكافة الفعاليات في المجتمع كتمهيد لها. وتحبذ الجبهة الوطنية الجزائرية أن يكون اختيار طبيعة النظام السياسي للشعب عن طريق وفاق وطني تحدد من خلاله معالم الدستور. وبعد أن عبر رئيس الحزب السيد موسى تواتي عن مطالبة حزبه بالنظام البرلماني لأنه يمنح للشعب مجالا أكبر للمشاركة في السلطة اعتبر بأنه لا يمكن مراجعة الدستور قبل أن يحدد الشعب طبيعة النظام الذي يريده عن طريق الاستفتاء. واقترح السيد تواتي أن يبقى النظام الحالي ويبادر بالتغيير بشكل سلمي وبمراجعة الدستور وأن يحدد قبل ذلك النظام الاقتصادي في إطار ميثاق وطني قبل أن يبرز تفضيل الجبهة الوطنية الجزائرية لنظام رأسمالي اجتماعي. وبدورها تقترح حركة الإصلاح مبادرة سياسية كبديل للتغيير السلمي للنظام في الجزائر تم تحضيرها مع شركائها في التحالف الوطني للتغيير تهدف إلى إرساء نظام ديمقراطي تعددي حقيقي يضمن دولة القانون والحريات والحقوق والكرامة لكل الجزائريين. وتبدأ المبادرة بتجميع قوى التغيير في المجتمع الجزائري على ميثاق للشرف والحريات والحقوق بمشاركة أحزاب سياسية وجمعيات وشخصيات وطنية ونقابات في مؤتمر جامع. وتؤيد حركة الإصلاح تعديل الدستور لجعله يضمن الحقوق والحريات ودمقرطة النظام كما تؤيد النظام البرلماني من خلال استعادة هذه المؤسسة لمهمتها التشريعية. ولتحقيق ذلك يقترح الحزب كخطوة أولى حل الحكومة الحالية وتشكيل حكومة وحدة وطنية تشرف على تعديل الدستور وكل القوانين المقيدة للحريات. وتأتي جبهة القوى الاشتراكية على رأس التيار الآخر الداعي إلى الانطلاق من الصفر والتأسيس لجمهورية ثانية كما يرى بأن الأولوية في الأوضاع الحالية للبلاد ''ليست في تغيير أوتعديل الدستور أوأي نص قانوني آخر وأن النقاش السياسي لا يجب أن يدور حول هذه المواضيع''. وفي نظر الأمين الوطني الأول لهذا الحزب السيد كريم طابوفإنه ''على السلطة أن تطلق إجراءات وعلى الشعب تقييمها''. واقترح السيد طابو أن يسبق انتخاب جمعية تأسيسية مرحلة انتقالية تقوم فيها السلطات بفتح المجال السياسي وحرية التعبير للإعلام وفتح هذا الأخير لكل التوجهات رغم اعتباره بأن النظام القائم ''لا يبدو لديه أية إرادة لإحداث تغيير جاد للتوجه بالبلاد نحو الديمقراطية''. وفي رأي جبهة القوى الاشتراكية فإنه يتعين على النظام الحالي المبادرة بالتغيير الذي ''سيفرض عليه بشكل غير متوقع إذا استمر في الرفض''. وكان رئيس هذا الحزب العتيد السيد حسين آيت أحمد قد جدد هذا الاقتراح في رسالة وجهها إلى الشعب الجزائري الأسبوع الماضي. ويشاطر حزب العمال موقف جبهة القوى الاشتراكية فيما يخص الاقتراع العام لمجلس تأسيسي سيد تكون له صلاحية صياغة الدستور. وأوضح المكلف بالإعلام لحزب العمال السيد جلول جودي بأن حزب العمال يدعو إلى قيام نظام ديمقراطي يتركز على الإرادة الشعبية وهذا-حسبه- لا يمكن تحقيقه إلا في إطار الاقتراع العام لمجلس تأسيسي سيد يعين حكومة انتقالية تكون مسؤولة أمامه. وحسب حزب العمال فإن النظام الحالي رغم بعض التعديلات الإيجابية لا بد له أن يتخلص نهائيا من الأحادية السياسية ومخلفاتها وكذا التخلص من كل مخلفات الأزمة التي عاشتها البلاد في عشرية دموية. ويرى حزب العمال بأن الوصول إلى انتخاب جمعية تأسيسية ''مرهون بمراجعة قانون الانتخابات كشرط جوهري وديمقراطي لتوفير الحد الأدنى من احترام الإرادة الشعبية وفصل المال والأعمال عن السياسة''. ويبقى التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية الحزب المعتمد الوحيد الذي يدعو إلى التغيير خارج النظام القائم وهو موقف تشاطره فيه الحركة الاجتماعية الديمقراطية من أجل اللائكية غير المعتمدة المنشقة عن الحركة الديمقراطية الاجتماعية وذلك في إطار التنسيقية الوطنية من أجل التغيير. وفي انتظار الإصلاحات السياسية التي أشار إليها خطاب رئيس الجمهورية في ذكرى عيد النصر يوم 19 مارس الماضي يبقى التغيير موضوع الساعة في الساحة السياسية في الوقت الذي تشهد فيه الساحة الاجتماعية حراكا غير مؤلوف تطبعه احتجاجات في مختلف القطاعات وعلى مستوى مختلف الفئات.