جددت الجزائر تكذيبها للادعاءات المغرضة الرامية لتوريطها في الرعاية المزعومة لنشاطات مرتزقة في ليبيا، وجاءت إدانة الجزائر لهذه الحملة لتؤكد انسجام مواقفها مع مبادئ سياستها الخارجية لا سيما مبدأ عدم التدخل في شؤون الغير واحترام حرية الشعوب وتطلعاتها والمساهمة السلمية في حل النزاعات الدولية. وقد سمح موقف الجزائر الواضح والمسؤول من النزاع الداخلي الليبي، بتعرية من يقفون وراء مؤامرة تحاول توريط الجزائر في الشؤون الداخلية الليبية وهي التي أكدت من البداية حرصها على احترام سيادة الشعب الليبي ووحدته الترابية. ولعل انكشاف أمر أصحاب أسطوانة المرتزقة جعلهم في كل مرة يطلقون ادعاءات ومزاعم باطلة بهدف التضليل الإعلامي وإخفاء عورتهم التي تعرت في ما أصبح يسمى بالمستنقع الليبي والهدف من وراء ذلك هو إقحام الجزائر في عمل مسلح يقع على حدودها مباشرة في محاولة حاقدة من دولة قادت العمل العسكري على ليبيا قبل صدور قرار مجلس الأمن القاضي بحظر الطيران في المجال الجوي الليبي وإجراءات حماية المدنيين وصار لا يخفى على أحد حتى داخل الحلف الأطلسي ودول الاتحاد الأوروبي أن فرنسا ترغب من تدخلها السافر في الشأن الليبي في بلقنة منطقة شمال إفريقيا وجعلها منطقة عدم استقرار حتى تسهل عليها السيطرة على مقدراتها والحديث باسمها في اللعبة الجيواستراتيجية الدولية. وانطلاقا من ذلك سعت فرنسا منذ الوهلة الأولى للنزاع الليبي أن تلطخ صورة الجزائر عبر ادعاءات باطلة ومتناقضة ظل يطلقها المجلس الانتقالي الليبي الذي احتضنته فرنسا واعترفت به ناطقا باسم ''الثوار'' قبل التأسيس الفعلي، وذلك على اعتبار أن الجزائر تشكل الثقل في المنطقة لأسباب جيواستراتيجية وسياسية تاريخية. فالجزائر حاربت فرنسا ومن ورائها الحلف الأطلسي وانتصرت وتلعب دورا محوريا في بناء المغرب العربي واستقرار شمال إفريقيا مثلما تلعب الدور نفسه في مكافحة الإرهاب الدولي وتطويق القاعدة في هذه المنطقة وغيرها من مناطق العالم. إلى جانب ذلك تدرك فرنسا أن مبادئ الجزائر ترفض رفضا قاطعا الاقتراب من الحدود الحمراء المتعلقة بأمنها الوطني لا سيما في منطقة الساحل التي تحاول فرنسا في السنوات الأخيرة أن تبسط فيها هيمنتها الاستعمارية القديمة رغم رفض دول هذه المنطقة للمنطق الفرنسي. وفوق هذا وذاك فإن الموقف المتوازن للجزائر حيال الأزمة الداخلية الليبية، أثبت صحته وواقعيته لدى الحلف الأطلسي ذاته ولدى دول الاتحاد الأوروبي باستثناء فرنسا إضافة إلى تبني الموقف الجزائري من قبل الدول الصناعية الناشئة (بريكس) هي (روسيا، الهند، الصين، البرازيل وجنوب إفريقيا)، مما ترك فرنسا بمنطقها الاستعماري القديم والحديث، تغرد خارج سرب المجموعة الدولية التي أصبحت تنادي بالحل السلمي للأزمة الليبية وتقلل من نتائج الحل العسكري بها. إن الجزائر دافعت من البداية على عدم التدخل العسكري الدولي في الشأن الليبي ودعت إلى حل سلمي يقرره الشعب الليبي دون التدخل في شأنه الداخلي من أي كان. أما عن الاتهامات من المتمردين فهي تدرك جيدا مصدرها وكيف تحول هؤلاء الذين يسمون أنفسهم ثوارا إلى مكبري أصوات لما يملى عليهم من فرنسا وبعض العرب للأسف.