صادق نواب المجلس الشعبي الوطني أمس بالأغلبية على مشروع قانون البلدية في جلسة علنية وصفها وزير الداخلية والجماعات المحلية ب''الجلسة التاريخية''، غير أنها لم تخل من المناوشات نتيجة الاختلاف الذي حصل بين النواب حول إدراج رئيس اللجنة القانونية تعديلات شفهية في الجلسة دون استشارة أعضاء اللجنة. كما تميزت أشغال جلسة المصادقة على مشروع قانون البلدية التي ترأسها السيد عبد العزيز زياري رئيس المجلس وحضرها 215 نائبا بامتناع نواب حزب العمال عن التصويت وإعلان نواب حركة النهضة انسحابهم من الجلسة، بينما غاب نواب كل من التجمع من اجل الثقافة والديمقراطية والجبهة الوطنية الجزائرية الذين كانوا قد قرروا تعليق نشاطهم النيابي بفعل مشروع القانون ذاته. وقد أجرت لجنة الشؤون القانونية والادارية والحريات بالمجلس الشعبي الوطني حسب مقررها تعديلات جوهرية على 102 مادة من بين 225 مادة تضمنها المشروع، فيما تم الابقاء على 123 مادة كما وردت في النص الأول للقانون. ومست التعديلات بصفة خاصة المواد المتعلقة بصلاحيات المجالس المنتخبة وعلاقة المنتخب بالإدارة إلى جانب تقليص مجال مراقبة الإدارة على مداولات المجلس الشعبي البلدي. كما شملت أهم التعديلات المدرجة على مشروع قانون البلدية والتي بلغت في مجملها 242 تعديلا، إلغاء الكثير من أحكام النص في شكله المقدم من قبل الحكومة، ومنها حرمان أعضاء المجالس المنتخبة من حق سحب الثقة من رئيس المجلس الشعبي البلدي، المتضمنة في المادة 97 والتي نصت على أنه يمكن سحب الثقة من رئيس المجلس الشعبي البلدي من طرف أعضاء المجلس البلدي بأغلبية أعضاء المجلس، حيث حاز هذا التعديل على دعم النواب من مختلف التشكيلات السياسية، بينما رفضت اللجنة القانونية مقترحا يعوض سحب الثقة من قبل الأعضاء بسحبها من قبل بالناخبين. ووافق النواب على إلغاء أحكام المادة 45 كما جاءت في المشروع التمهيدي، والتي تقترح حرمان المنتخبين الذين حلت أحزابهم بموجب أحكام قضائية من صفتهم، واعتبرت أن ذلك من اختصاص قانون الأحزاب، كما وافقوا على النص المتعلق بإقرار تعويضات لرئيس المجلس الشعبي البلدي ونوابه والمندوبين البلديين تتلاءم وحجم الأعباء الملقاة على عاتقهم ودورهم في التنمية المحلية، علاوة على تحرير المجالس البلدية من القيود البيروقراطية والادارية عن طريق تكريس مبدأ نفاذ المداولات والقرارات بمجرد صدورها، وتوسيع صلاحيات المجلس الشعبي البلدي عن طريق إنشاء لجان دائمة ومتخصصة حسب خصوصيات كل بلدية. في سياق متصل أيد نواب المجلس الشعبي الوطني مقترح إلغاء المادتين 69 مكرر و69 مكرر,1 والمتصلتين بالفصل في حالات تساوي عدد المقاعد البلدية خلال الاقتراع، وتم اقتراح التكفل بهذا الجانب من خلال إضافة فقرة تنص على أنه في هذه الحالة يتم ترجيح كفة الحزب الحاصل على اكبر قدر من الأصوات، وفي حال تساوت تشكيلتان أو أكثر في الأصوات يعلن رئيسا للمجلس الشعبي البلدي المرشحة أو المرشح الأصغر سنا. غير أن هذا التعديل وإن لم يجد في مضمونه اعتراض أي من التشكيلات الحاضرة في جلسة المصادقة، إلا أن طريقة عرضه لاقت احتجاجا كبيرا من بعض نواب حركة مجتمع السلم، بمن فيهم المنشقون عن الحركة، وحتى بعض النواب المنتمين إلى حزب جبهة التحرير الوطني، وقد نشبت مناوشات كلامية داخل القاعة اضطرت رئيس المجلس إلى التدخل لفرض الهدوء، وانتهى الأمر بانسحاب مؤقت للنواب المحتجين، الذين عبروا عن رفضهم لطريقة فرض التعديل بشكل مفاجئ وأثناء جلسة المصادقة وبتدخل شفهي من قبل رئيس اللجنة القانونية السيد حسين خلدون دون استشارة باقي أعضاء اللجنة واعتبروه ''إجراء ارتجاليا يراد منه خدمة مصالح حزبية ضيقة''. غير أن رئيس المجلس الشعبي الوطني دافع عن الإجراء المتبع من قبل رئيس اللجنة القانونية والحريات واعتبره إلى جانب بعض أعضاء اللجنة إجراء قانونيا تقر بشرعيته المادة 61 من القانون الداخلي للمجلس والتي تمكن عضو الحكومة أو اللجنة المختصة من تقديم تعديلات في أي وقت يسبق التصويت.