كشف وزير العدل حافظ الاختام السيد الطيب بلعيز، أمس، عن وجود مشروع قانون الوساطة الخاص بالجنح والمخالفات البسيطة التي لا تمس بالنظام العام والآداب العامة، مشيرا إلى أن نص القانون الذي يتكون من 135 مادة والذي أصبح جاهزا منذ ستة أشهر على مستوى الوزارة، ينص على إحالة الجنح والمخالفات البسيطة على وسيط قانوني بغرض التقليص من الكم ''الهائل'' للطعون بالنقض المرفوعة أمام المحكمة العليا. جاء ذلك خلال رد الوزير على انشغالات مجلس الأمة خلال تقديم ومناقشة مشروع القانون العضوي الذي يحدد تنظيم المحكمة العليا وعملها واختصاصها ومشروع القانون المتعلق باختصاصات مجلس الدولة وتنظيمه وعمله، حيث أشار الوزير إلى أن النص سيدرج ضمن التعديل الدستوري المقبل والذي من شأنه تقليص عدد الطعون المرفوعة أمام المحكمة العليا وتفادي تعقيد النزاعات القانونية مع ربح الوقت والتخفيف من الإجراءات التي تستدعيها الطعون إلى جانب رفع ''العائق الدستوري'' الذي يشكله مبدأ حق اللجوء إلى الطعن بالنقض أمام المحكمة العليا المكرس دستوريا و الذي كانت نتيجته لجوء المواطنين إلى هذا الإجراء حتى ولو تعلق الأمر بغرامات جد بسيطة. وأوضح بلعيز أن الوسيط يعمل على التوفيق بين المتخاصمين، وإذا تصالحوا يتم تحرير محضر يوضح حقوق كل شخص، ويتم التوقيع عليه من قبل المتخصامين، ليصبح المحضر قرارا. من جهة أخرى أكد الوزير في رده على سؤال للنائب بوزيد لزهاري حرص الدولة على تكريس استقلالية السلطة القضائية على أرض الواقع من أجل خدمة الجزائر، قائلا ''لا نتصور إطلاقا أننا نبني دولة ديمقراطية بدون سلطة قضائية مسؤولة، كفؤة ومقتدرة وبدون صحافة مستقلة وحرة''. وفي رده على سؤال آخر لهذا النائب يتعلق بعدم إعداد مجلس الدولة لحصائل سنوية عن مختلف القطاعات ورفعها لرئيس الجمهورية كما هو حاصل في دول أخرى كفرنسا، أجاب السيد بلعيز بأن الأمر مختلف انطلاقا من أن مجلس الدولة في الجزائر الذي يترأسه رئيس الجمهورية لا يتجزأ عن السلطة القضائية، في حين أن مجلس الدولة بفرنسا يعد هيئة إدارية تابعة للسلطة التنفيذية. وبخصوص اختصاصات مجلس الدولة، أشار السيد بلعيز إلى أن مجلس الدولة يفصل في القرارات المركزية كمحكمة عليا وأن كل الأحكام الصادرة عن المحاكم الإدارية سيستأنف فيها أمام مجلس الدولة، بمعنى القيام بدور المراقب على المحاكم الإدارية. ولدى تطرقه إلى نشر أحكام المحكمة العليا والرأي العام، أوضح الوزير أن ذلك من شأنه أن يكرس ثقافة قانونية لدى المواطنين، انطلاقا من أن اتخاذ هذا الإجراء جاء لسد ''نقص قانوني فادح'' كان موجودا. وفي سياق آخر أشار الوزير إلى أن الجوانب الاجتماعية للقاضي تم تحسينها بشكل كبير، بعد اعتماد إقامة للقضاة، في الوقت الذي كان فيه قاضي المحكمة العليا يبيت في السابق في مكتب عمله أو في غرفة لأربعة أشخاص. وأكد الوزير أن التكوين المستمر إلزامي لكل القضاة لأن عدم القيام به قد يلحق ضررا بالمتقاضين عند إصدار الأحكام، مشيرا إلى أنه صار إلزاما على القاضي تعلم الانجليزية والإعلام الآلي. وكان المجلس الشعبي الوطني قد صادق على قانوني تنظيم المحكمة العليا ومجلس الدولة يوم 24 ماي الماضي. ويهدف مشروع القانون العضوي الذي يحدد تنظيم المحكمة العليا وعملها واختصاصها إلى مساوقة تنظيم المحكمة العليا مع الإطار المؤسساتي للهيئات القضائية وضمان نطاق اختصاص المحكمة العليا وتوحيد الاجتهاد القضائي واحترام القانون عبر كامل الجهات القضائية التابعة لها. وينص المشروع على أن المحكمة العليا هي محكمة قانون وتمارس رقابتها على الأوامر والأحكام والقرارات التي تصدرها الجهات القضائية التابعة للنظام القضائي العادي، من حيث تطبيقها السليم للقانون واحترام الأشكال والقواعد الإجرائية. ويهدف القانون الذي يحدد تنظيم المحكمة العليا وعملها واختصاصها إلى مساوقة تنظيم المحكمة العليا مع الإطار المؤسساتي للهيئات القضائية، كما يسعى إلى ضمان نطاق اختصاص المحكمة العليا وتوحيد الاجتهاد القضائي واحترام القانون عبر كامل الجهات القضائية التابعة لها. كما يهدف القانون العضوي المتعلق باختصاصات مجلس الدولة وتنظيمه وعمله إلى مسايرة هذه الهيئة لتطور المنظومة القانونية لقطاع العدالة خاصة قانون الإجراءات المدنية والإدارية. ويقترح القانون تنظيم مجلس الدولة وفقا للقواعد المعتمدة في تسيير وتنظيم المحكمة العليا، إذ يعتبر مجال اختصاصه كدرجة أولى وأخيرة في دعاوى الإلغاء وتقدير المشروعية في القرارات الإدارية المركزية والهيئات العمومية الوطنية وكذا المنظمات المهنية الوطنية.