تحتضن مؤسّسة الأرشيف الوطني منذ أوّل أمس وإلى غاية الثالث من أفريل المقبل معرضا ثقافيا أرشيفيا يؤرّخ للتواجد العثماني بالجزائر وكذا للعلاقات السياسية، الاقتصادية والاجتماعية التي كانت تربط أيالة الجزائر بالباب العالي، وحمل عنوان "الدولة العثمانية والجزائر··معا للدفاع عن دار الإسلام"·
افتتاح التظاهرة حضره كلّ من السيد عبد المجيد شيخي المدير العام للأرشيف الوطني والسيد صارناي المدير العام للأرشيف التركي إلى جانب مدير معهد التاريخ بأسطنبول السيد يوسف حلا كوغلو، وشكّل مناسبة للحديث عن أهمية التقارب الجزائري- التركي في مجال الأرشيف والبحث، وأشار السيد شيخي وهو يقدّم محتويات المعرض إلى أنّ لقاء الجزائر بالدولة العثمانية كان لأكثر من 03 قرون، فكان لا بدّ من تقديم ولو جزء صغير من الأرشيف الذي يؤرّخ لهذه الفترة القوية والعظيمة في تاريخ الجزائر الحديث· من جهته أوضح السيد صاروناي أنّ محتويات المعرض نابعة من عمق التاريخين الجزائري والتركي، مؤكّدا وجوب نقل الشواهد التاريخية للأجيال القادمة وتعزيز التعاون بين المؤسّستين الأرشيفيتين التركية والجزائرية ليهدي مؤسّسو الأرشيف الوطني لوحتين تضمّ الأولى نسخ من معاهدة بين الدولة العثمانية واسبانيا وأخرى بين الدولة العثمانية وروما إضافة إلى كتالوج الأرشيف العثماني المتعلّق بالجزائر· المعرض المنظّم برعاية الأرشيف الوطني بالتعاون مع سفارة تركيا بالجزائر قسّم إلى ثلاثة محاور أساسية، تاريخ الدولة العثمانية وفيه استعراض للسلاطين العثمانيين، النظام الإداري المركزي للدولة العثمانية، التقسيم الإداري للولايات العثمانية، النظام العسكري، البنية الاجتماعية للدولة العثمانية إلى جانب التوزيع الديني للسكان في الدولة العثمانية لعام 1844 والذي ضمّ 58.3 بالمائة من المسلمين، 38.8 بالمائة من الروم الأرثودكس، 2.55 بالمائة من الكاثوليك و0.48 من اليهود من مجموع 35.35 مليون نسمة· كما ضمّ هذا الجزء من المعرض لوحة تفسيرية لعلاقة الباب العالي بمسألة مسلمي الأندلس، الأسطول الهمايوني في مواجهة العدو، الباب العالي والتكريمات الشاهانية وكذا انكماش الدولة العثمانية ثمّ انهيارها وخريطة تركيا بعد الاحتلال الأجنبي، وتلتها صور عن المعالم التاريخية في تركيا على غرار قصر "توب كابي" باسطنبول، المدينة العتيقة في أنقرة، كنيسة القديسة صوفيا في ترابزون، قيصرية مدينة الأضرحة والبوسفور· المحور الثاني الذي توقّف عنده معرض "الدولة العثمانية والجزائر··معا للدفاع عن دار الإسلام" هي "الولايات العربية تحت الحكم العثماني" وفيه تمّ التطرّق إلى الباب العالي وحراسة طرابلس الغرب، وحراسة تونس، وحماية الشام، علاوة على مجيء عرّوج وخير الدين إلى الجزائر بطلب من الجزائريين بعد أن اشتدّت التحرّشات على الجزائر واحتوى على صورة لضريح خير الدين باشا بحي باشكطاش باسطنبول، وضمّ جزء "الجزائر في العهد العثماني" رسالة أهالي الجزائر إلى السلطان سليم الأوّل يطلبون منه الانضمام إلى الخلافة العثمانية وكذا الكلمة التي ألقاها خير الدين على مسامع علماء وشيوخ الجزائر عندما طلبوا منه البقاء في المدينة لحماية المسلمين، إضافة إلى مشاركة الأسطول الجزائري إلى جانب الأسطول العثماني وتنصيب الباب العالي لرجال البحرية الجزائرية، ونماذج من مراسلات بين الأمير عبد القادر والباب العالي والتكريمات الشاهانية للأمير· وأفرد الجزء الثالث من المعرض ل"الجزائريون في تركيا"، حيث تمّت الإشارة فيه إلى المعالم العثمانية في الجزائر، الاحتلال الفرنسي للجزائر عبر الأرشيف العثماني، مساندة تركيا للقضية الجزائرية وفيه نبذة عن تدويل القضية الجزائرية عبر الصحف التركية، أنقرة··اسطنبول··منبر للطلاب لدعم القضية الجزائرية، الطلاب الأتراك والجزائريون معا من أجل القضية الجزائرية، صدى البعثة الجزائرية في أوساط المجتمع التركي والرئيس التركي يساند الثورة الجزائرية· المعرض تضمّن أيضا صورا أصلية لمعاهدة السلام والتجارة الموقّعة بين إيالة الجزائر والدول الأوروبية كانجلترا، الولاياتالمتحدةالأمريكية، اسبانيا، السويد، الدنمارك، ألمانيا وهولندا، وكذا فرمان من المعظّم محمود آغا الجيش إلى رياس البحر الجزائريين لإيقاف الاعتداءات على النصارى القاطنين في طبرقة، نماذج من سجلات بيت المال لرصيد الفترة العثمانية، وأيضا 450 دفتر لصندوق الأرشيف الوطني تتعلق بالفترة العثمانية منها نماذج عن دفاتر البايلك وشهادات النسب· وعلى هامش المعرض أشار السيد صاروناي إلى أنّ مؤسّسة الأرشيف التركي يضمّ وثائق كثيرة وعديدة تتعلّق بالجزائر وتغطي الفترة الزمنية من 1520 إلى 1900م، مؤكّدا سهولة الوصول إلى هذه الوثائق للباحثين الراغبين في الإطلاع عليها· و بهذه المناسبة تمّ تنشيط محاضرة من طرف الأستاذ الجامعي علي تابليت بعنوان "الأسطول الجزائري خلال العهد العثماني"، وصرّح الباحث أنّ البحرية الجزائرية كانت حاضرة بقوة في بحر المتوسط وشاركت أيضا في الدفاع عن الدول المجاورة مبرزا تطوره و مزاياه رياسه سيما عروج وخير الدين بربروس والرايس حميدو والرايس محمد والحاج محمد·