أقبل الصيف وأقبلت معه المشاريع، فهو يحمل معنى مناسبات الفرح ومواعيد الرحلات والسفر، وبالتالي يجد السواد الأعظم من المواطنين أنفسهم مقبلين على مناسبات إنفاقية متعددة ومتتالية، لاسيما وأن هذا الموسم بات يستضيف في السنوات الأخيرة شهر رمضان المبارك، ما جعل حرارة مصاريف صيف أشد ارتفاعا من سنوات سابقة.. فهل تتمكن الأسرة الجزائرية من التحكم في ميزانيتها خلال هذا الفصل، حيث الموارد محدودة والاحتياجات لا تكاد تنتهي؟ سؤال يطرح تزامنا مع ما يعيشه الجزائري من مناسبات ونفقات متراكمة، وقصد الإجابة حاورت ''المساء'' بعض المواطنين، وكانت الإجابات في معظمها تلتقي في مصب واحد هو عدم القدرة على الالتزام بالسلوك الاستهلاكي المتوازن، نظرا لتنامي النفقات بثلاثة أضعاف على الأقل مقارنة بباقي المواسم، خاصة وأن شهر رمضان صار يحل في عز الصيف. حب التنزه والخروج لتناول وجبة العشاء خارج البيت هي نقاط ضعف السيد ''جمال'' (موظف)، وهي السبب في إعلان جيبه للإفلاس أياما قلائل بعد استلام الراتب.. لما سألته ''المساء'' رد ضاحكا: ''أنا لا أتحكم في الميزانية في الشتاء، فما بالك في الصيف''! أما السيدة ''سميرة'' (أم لطفلين) فأشارت إلى أنها تتكبد خسائر كبيرة خلال الصيف نتيجة الرغبة التي تجتاحها لتجديد طلة المنزل في كل مرة.. وأضافت ل ''المساء'' إن جدولة النفقات التي تكون أمرا يسيرا في الشتاء تتحول إلى أمر عسير في الصيف نظرا لجملة من الاعتبارات، منها تهاطل دعوات أصحاب الولائم، والرغبة المتجددة في التنزه، والتي يفرضها طول نهار الصيف، وبين هذا وذاك تكثر طلبات الأبناء الترفيهية، لاسيما وأن الطريق محفوف بالمغريات، ويدفعنا للإنفاق دون شعور، ونتيجة ذلك هي القضاء على الراتب بعد أسبوعين من قبضه''. فصل الخرق المتواصل للميزانية يتفق كثيرون على أن الصيف هو فصل الخرق المتواصل للميزانية التي تربكها الحاجة إلى تغيير الملابس بكثرة، الأكل الخفيف المتنوع، مستلزمات البيت خاصة مبيدات الحشرات وماء الجافيل ومواد التنظيف والهدايا لأصحاب المناسبات والمغتربين من الأهل والأحباب، وهو ما أكدت عليه السيدة ''حورية'' (أم لطفلة)، مبرزة أن مصاريف الصيف والتحكم في الميزانية أمران لا يلتقيان! وشاركت في الموضوع ''أم زكي'' لتضيف أن مشكلة النساء في الصيف هي كثرة المناسبات السعيدة.. وتستطرد: ''أتلقى دعوتين كل أسبوع تقريبا خلال هذا الموسم، وكل مناسبة تتطلب زيا مختلفا عن السابق.. مشكلتنا نحن النساء أننا نتحرج من تكرار فساتين المناسبات، فندفع الثمن بإحداث ثقب كبير في الميزانية''. وذكرت نفس المتحدثة أن المصاريف تتضاعف بمعدل ثلاث مرات في الصيف، لذا يعجز اتحاد راتبها مع راتب زوجها عن تغطية كافة الاحتياجات، لاسيما وأنهما ملزمان بدفع أجر كراء الشقة. وبرأي الشاب ''مصطفى'' متزوج حديثا، فإن زيادة المناسبات الانفاقية في الصيف، ليس المبرر الوحيد لعدم التحكم في الميزانية، ذلك أن غياب ثقافة التخطيط، والتي تحل محلها ذهنية ''مرة ماشي كل يوم''، ينسف الراتب في ظرف قياسي، خاصة في هذا الفصل الذي تكثر مغرياته. عموما مناسبات الصيف لا تمر غالبا دون إحداث ثغرات مالية قد لا تسدها سوى الاستدانة في بعض الأحيان.. لذلك يبقى الوعي بترشيد الإنفاق حسب الإمكانات المتاحة عاملا ضروريا للصمود أمام تحديات المناسبات ومتطلبات موسم الاصطياف لتفادي الوقوع في مأزق مالي يصعب الخروج منه.