يتواجد بجيجل ستون طفلا من بلدية رقان (أدرار) في تجمع علاجي استهل في 25 جوان الماضي في المركز الطبي البيداغوجي للشباب غير المكيفين وذلك بمبادرة من وزارة التضامن الوطني والأسرة، ويعد هذا التجمع ''مقاربة علاجية نفسية-طبية'' في إطار ملائم لتشجيع العفوية وتحسين سلوك الشباب الذين حلوا ضيوفا على ولاية جيجل حسب ما أكده مشرفون على هذا المخيم, وتم بالمناسبة تسخير جميع الوسائل البشرية والمادية لتوفير إقامة ممتعة لفائدة شباب أدرار الذين ينحدر معظمهم من بلدية رقان وضواحيها. ''يسرنا رؤية هؤلاء الأطفال بهذا المركز الجديد الذي لم يفتح أبوابه إلا هذه السنة في الحي المسمى 40 هكتارا بأعالي المدينة'' حسب ما أشار إليه مدير ذات المركز السيد مخلوف زردازي. وأضاف أن فرقة معتبرة من أطباء وعلماء النفس العيادي تابعين لوكالة التنمية الاجتماعية مدعمة بمنشطين ومربين مختصين تشكل كذلك ضمانا لنجاح هذا البرنامج الخاص الذي سيستمر بهذه المؤسسة إلى غاية 15 جويلية الجاري. وأشار إلى أن عملية اختيار هؤلاء الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 8 و12 سنة نجحت بفضل الخلية الجوارية للتضامن لوكالة التنمية الاجتماعية. وأوضحت من جهتها الآنسة سعاد محمودي طبيبة نفسانية والمسؤولة التقنية عن هذا التجمع الطبي أنه تم إعداد برنامج ثري ومتنوع لفائدة هؤلاء الأطفال لإعادة التأهيل النفسي والوظيفي والتنشيط وذلك عبر ورشات إبداعية تضم نشاطات متعددة. وتشكل كل من تقنيات ''إفراغ الانفعال'' البحث عن التعبير الجسدي والإيماءات واللفظية والحركية والتماسك والعلاج الفني (الرسومات والتعابير البيانية) والحرف اليدوية الإبداعية (المصنوعة من الصلصال) جزءا من هذا البرنامج الذي جمعه فريق التأطير منذ أن حل هؤلاء الأطفال بجيجل. وأضافت ذات الطبيبة النفسانية ''سنقوم في ختام هذا البرنامج بتشخيص سنعد من خلاله تقريرا يبرز الحالات الخاصة لكل طفل''. وقد أظهرت النتائج الأولية حالات هيجان وعدوانية في أوساط هؤلاء الأطفال المنحدرين من جنوب غرب الجزائر، وأشار من جهتهما طبيبان نفسيان من خنشلة وتبسة تابعين لهذا الفريق إلى أن هؤلاء الأطفال منحدرون من أوساط مستبعدة ومهمشة ويتامى ويمثلون ثقافات اجتماعية محدودة خاصة في ما يتعلق بمشاكل الاتصال. ولم يستبعد هذان المختصان أن يكون ذلك ناتجا عن آثار الكارثة النووية التي عاشتها رقان في فيفري 1960 خلال تجارب نووية فرنسية بهذه المنطقة. وفي هذا الصدد أعد فريق متكون من ثلاثة أطباء يعملون لصالح وكالة التنمية الاجتماعية تقريرا بعنوان ''التجارب النووية الفرنسية في صحراء الجزائر: آثار وتأثير على البنية الاجتماعية للسكان'، فالوثيقة التي سجلت الواقع التاريخي لتلك الأحداث التي جرت في 13 فيفري 1960 تحت اسم ''اليربوع الأزرق'' تحصي قائمة طويلة للأمراض والاضطرابات الناتجة عن هذه الإشعاعات المترتبة عن هذه التفجيرات النووية التي قامت بها فرنسا على مستوى منطقة رقان. و قام هؤلاء الأطفال بزيارة حديقة الحيوانات لكيسير (العوانة) إلى جانب المتحف الوطني كتامة والكهوف العجيبة لزيامة منصورية فضلا عن التنزه على شاطئ البحر. فالعديد منهم لم يغادروا رقان مطلقا ولم تتسن لهم فرصة زيارة أي مكان خارجها. وعبر كل من الطفلة عيشة مومن (9 سنوات) المنحدرة من زاوية رقان وأسماء ملياني (9 سنوات) قدمت من تيمادنين والطفل عبد الإله ملياني من نفس البلدية عن ''فرحتهم الكبيرة''لاكتشافهم هذه المنطقة من البلاد. كما نوهوا ب''الظروف الجيدة للإقامة'' بمركز الاستقبال بجيجل. وقد تم توفير كل الظروف الملائمة لضمان إقامة مريحة وممتعة تسمح لهؤلاء الأطفال المنحدرين من رقان بأن يحدثوا خلال هذه الفترة ''انقطاعا إيجابيا'' مع وسطهم المعتاد الذي يعد حسب ما أكدوا عليه ''سببا لمعاناتهم. للإشارة فإن المركز الطبي البيداغوجي للأطفال غير المكيفين الذي يعد جوهرة حقيقية بالنسبة لقطاع التضامن الوطني بجيجل والذي فتح أبوابه في جانفي الماضي يتربع على مساحة ب 025,4 متر مربع على مستوى التجمعات السكنية الجديدة التي تعرف محليا ب''40 هكتارا''. وتشكل قاعاته الخاصة بإعادة التأهيل الوظيفي والنفسي وورشاته وغيرها مؤسسة مثالية لمثل هذا النوع من التجمع والتظاهرات لفائدة الأطفال الذي تعرضوا لإعاقة حركية. وتعوض هذه المؤسسة التي تصل طاقة استيعابها (60 مقيما) المركز القديم الواقع على مستوى طريق الإخوة خشة (حي قرية موسى) الذي أصبح مؤخرا ''غير ملائم'' للمقيمين به. للإشارة فإن المصالح المعنية تعتزم إعادة تأهيله من أجل تحويله إلى منشأة ملائمة تابعة لقطاع التضامن الوطني.