ها هو فارس آخر من فرسان الجهادين الأصغر والأكبر يترجل عن صهوة جواده لينضم إلى رفاقه الذين سبقوه إلى حيث الآس والريحان، في جنة الرضوان بإذن الله تعالى. إنه المجاهد والسياسي بشير رويس الذي تقلد وزارة البريد والمواصلات، ثم وزارة الإعلام، بعد أن قام بتأسيس شركة ''أونالي'' في قطاع الفلاحة ثم صار نائبا في المجلس الشعبي الوطني.ئهذا الفتى كان من السباقين إلى الالتحاق بالثورة في الولاية الرابعة، حيث كان رغم صغر سنه مجاهدا يضرب به المثل في الشجاعة وفي إصابة العدو في مقاتله لما كان في صف مغاوير القائد علي خوجة. وجريدة ''المساء'' التي هي بين أيديكم، أيها القراء الكرام، هي من فضائل هذا المجاهد، إنها ما انفكت تزداد تأنقا وحنكة ودربة ومرانا بمرور الزمن. فلقد كان وراء إنشائها مع فريق من المستشارين الإعلاميين حين كان وزيرا للإعلام ما بين عامي 1984 و,1988 إلى جانب جريدة ''أوريزون'' الناطقة باللغة الفرنسية. لقد ارتأى يومها أن القارىء الجزائري في حاجة ماسة إلى مادة إعلامية تمسيه بعد أن كانت صحيفتا ''المجاهد'' و''الشعب'' تصبحانه، فكان أشبه بالطبيب الذي يدخل قاعة العمليات لا لكي يجري عملية قيصرية على هذه المريضة أو تلك، بل لكي يشرف -و ما أعظمه وأروعه من إشراف- على ولادة مخلوق إعلامي جديد كتبت له الحياة والاستمرار، وقدر له أن يقف على قدميه ليواجه أعباء الحياة الإعلامية في هذه الجزائر. وبشير رويس، لمن لم يعرفه عن قرب، إنسان دمث الأخلاق، لكنه صارم حيث تقتضي الصرامة، فلقد عرف كيف يقود سفينة الإعلام في مرحلة تميزت بالعديد من الصعوبات السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، وفي وقت كان فيه أعداء الجزائر يتربصون بها الدوائر من كل صوب وحدب، ويمكن القول إنه قاد سفينته هذه إلى بر الأمان، وأحسن القيادة وليس أدل على ذلك من هذه الصحيفة التي بين أيديكم، وصحيفة ''أوريزون''، وغيرها من الصحف الأخرى التي كانت قائمة في عهده، ومؤسسة التلفزيون الوطنية والإذاعة الوطنية بمحطاتها الوطنية والمحلية، والصحف الجهوية. ولا شك في أن رفاق الفقيد من أبناء الولاية الرابعة، وأسرة الجهاد عامة في الجزائر وكل من خدموا الجزائر تحت قيادته، سيفتقرون إلى صاحب ذلك الوجه الصبوح، المجاهد الجسور، والإنسان المتفتح الذي لا يتردد في اتخاذ القرار وفي وضعه موضع التطبيق. ولا نملك في هذا الصدد سوى أن نقف تحية وإجلالا له، ونسأل العلي القدير أن يلهم ذويه الصبر والسلوان، ويجازي فقيدنا عنا وعن الجزائر جزاء الأبرار ونقطع الوعد من أجل مواصلة المسيرة الإعلامية التي كان هذا الفتى أحد روادها بحكم جهاده وتجربته السياسية الطويلة.