كشف أمس المجاهد والمحامي علي هارون رئيس فدرالية جبهة التحرير الوطني التاريخية بفرنسا عن جمع مجموعة من الوثائق التاريخية التي تحمل معلومات عن شهادات حية تروي أحداث مظاهرات 17 أكتوبر 1961 التي راح ضحيتها- حسب شهادة المجاهد- أكثر من 200 شخص، وينتظر أن تسلم الفدرالية الوثائق المجمعة والمدروسة بعناية إلى الأرشيف الوطني خلال الأيام القليلة القادمة لتكون مصدرا لأبحاث المؤرخين. وعن الحادثة يقول المجاهد إنها مصنفة ضمن جرائم ضد الانسانية للاستعمار الفرنسي بعد أن تم رمي المئات من الجزائريين في نهر السين ومنهم من اعتقل وعذب بأبشع الطرق، وتخليدا للذكرى سيتم خلال الأسبوع الجاري تنظيم مسيرات سلمية بعدد من المدن الفرنسية مع وضع لوح تذكاري يحمل أسماء الشهداء بمدينة بيزون. واستغل المجاهد علي هارون فرصة تنظيم ندوة بالمجاهد تخليدا لذكري يوم الهجرة المصادف لأحداث مظاهرات 17 أكتوبر 1961 بعدد من المدن الفرنسية ليعلن عن جمع 106 تقارير و117 شهادة لمن شاركوا في المظاهرات، وهو ما اعتبره المتحدث ''نقطة ماء في بحر'' ، حيث لا يزال الأرشيف الفرنسي يضم العديد من التقارير التي لم يكشف عنها تتحدث عن غطرسة رئيس الشرطة في تلك الفترة موريس بابون الذي كان المحرك الرئيسي لتلك الأحداث التي راح ضحيتها -حسب الإحصاءات الأولية - 200 شهيد كما سجل اعتقال 1500 رجل و 1100 امرأة و500 طفل. وعن هذه الشهادات والتقارير التي ستسلم إلى الأرشيف الوطني، أشار السيد هارون أن الفدرالية تمكنت من جمعها من مناضلي جبهة التحرير الوطني الذينكانوا من المؤطرين للمظاهرات التي نادت إليها جبهة التحرير الوطني للرد على الإجراءات التعسفية لرئيس الشرطة، موريس بابون، الذي قرر يوم 5 اكتوبر 1961 حظر التجوال على ''الفرنسيين المسلمين'' وذلك من الثامنة مساء إلى غاية الخامسة صباحا، وللتأكيد على ان النضال لا يزال متواصلا و الرفع من معنويات الجزائريين المقيمين بفرنسا يقول السيد ''هارون'' تقرر بإجماع من القاعدة الخروج في مظاهرات سلمية وبدون أسلحة أيام17 و18 و19 أكتوبر، حيث سيكون اليوم الاول خاصا بالرجال، والثاني بالتجار اما اليوم الاخير فهو للنساء والاطفال. لكن مثلما -يقول المجاهد- غطرسة بابون دفعته إلى انشاء فرع للشرطة أطلق عليه ''الشرطة الزرقاء'' مكونة من ''الحركة''، ومباشرة بعد الاعلان عن تنظيم المسيرات بادر أعوان الشرطة الى استعمال اسلحتهم وضرب المتظاهرين وأكثر من ذلك شرعوا في حملة اعتقال واسعة لكل من له مواصفات مواطن جزائري، الامر الذي جعل الشرطة توقف سياحا أمريكيين وإسبانا، وحتى الكاتب صاحب جائزة نوبل غابرييل غارسيا مركير الذي كان يسير في أحد الشوارع وجد نفسه في مركز الشرطة معرضا للضرب والتعذيب. وتشير الشهادات التي جمعتها الفدرالية إلي عمليات القتل الجماعي للجزائريين الذين وجدت جثث المئات منهم ملقاة في نهر السين، من بينهم طلبة ثانويون، وهناك من المعتقلين من لم يعثر عليهم، سجلوا ضمن المفقودين وأوهمت سلطات الاستعمار أهاليهم برحيلهم إلى الجزائر، أما المعتقلون فقد ظلوا اكثر من يومين في السجون عرضة للضرب المبرح وتم جمع بياناتهم وأخذ صور لهم قبل إطلاق سراحهم. وعن محتوى الوثائق المجمعة والتي تمت رقمنتها هناك الإعلان الذي صدر عن مجموعة رجال الشرطة الجمهوريين الذين نددوا بالتصرف ''المخزي'' لزملائهم أثناء هذه المظاهرات التي تم فيها قمع الجزائريين بكل وحشية، غير أنه لم يكن موقعا، وهو ما كان سببا -حسب تصريح المجاهد علي هارون- في رفع كل من وزير الداخلية الفرنسي في ذلك الوقت السيد روجي فري ورئيس الشرطة موريس بابون ومسؤول الشرطة لمدينة باريس شكوى ضد مجهول، كما تتضمن الوثائق تقريرامفصلا عما حدث يوم 17 اكتوبر في باريس، أعده نيكول راين محامي جبهة التحرير الوطني بفرنسا مرفوقا بمعرض للصحافة في ذلك الوقت. وتطرق هارون خلال عرضه للأحداث إلى سلمية المظاهرة التي قامت بتعبئة 50 الف جزائري وبغرض التأكد من عدم استعمال الأسلحة من طرف المناضلين تم تفتيشهم قبل خروجهم، حيث كان موعد المظاهرة على الساعة الثامنة والنصف مساء لكسر حظر التجوال، غير أن شرطة الاستعمار قمعت بكل قسوة المتظاهرين العزل، وهو ما جعل تلك الاحداث تدخل تاريخ الثورة التحريرية الكبرى بنفس الزخم الذي ميز مظاهرات 11 ديسمبر 1960 حسب تعبير علي هارون، وذلك بالنظر الى الصدى الاعلامي العالمي لها، حيث روى المتحدث كيف قوبل الصحفيون الأجانب من طرف الشرطة، حيث تم الاعتداء عليهم بالضرب، الامر الذي دفع بقيادة جبهة التحرير الوطني إلى مواصلة تنظيم المسيرات في الايام الموالية بعدد من المدن الفرنسية على غرار مارسيليا، غرونوبل، ليون، بوردو كرد فعل على مجازر باريس. وبغرض ابراز حقيقة ما حدث فعلا في تلك الفترة ستنظم فدرالية جبهة التحرير الوطني يوم 27 اكتوبر المقبل ندوة فكرية بالتنسيق مع جامعة كاليفورنيا وجامعة وهران من خلال استعمال الانترنت للحديث عما وقع يوم 17 اكتوبر 1961 وسيشارك الطلبة من ابناء جيل الاستقلال في النقاش.