بعث رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة إلى قمة الهند-إفريقيا المنعقدة بنيودلهي رسالة قرأها نيابة عنه ممثله الشخصي لهذه القمة رئيس الحكومة السابق السيد أحمد أويحيى· وفيما يلي النص الكامل للرسالة: صاحب الفخامة السيد الوزير الأول لجمهورية الهند صاحب الفخامة السيد رئيس جمهورية تنزانيا المتحدة الرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي أصحاب الفخامة السادة رؤساء الدول والحكومات صاحب الفخامة رئيس المفوضية الإفريقية سيداتي سادتي
حباني أخوكم وصديقكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بشرف التكليف بالتعبير لكم عن أسفه العميق لعدم الحضور بينكم بسبب أجندة وطنية مكثفة· كما يعرب لكم عن تمنياته الخالصة أن يكلل منتدى الهند-إفريقيا بالنجاح مؤكدا لكم التزام الجزائر التام المتمخض عن قناعة راسخة بمتابعة النتائج التي سيسفر عنها هذا الاجتماع الهام· كما لا يسعني شخصيا إلا أن أعرب باسم الوفد الجزائري عن شكرنا الخالص لحفاوة الاستقبال وكرم الضيافة· ويشرفني الآن أن أتلو على مسامعكم رسالة السيد عبد العزيز بوتفليقة رئيس الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية إلى هذه الجمعية الموقرة: "أصحاب الفخامة سيداتي سادتي تميزت العشريات الأخيرة بجملة من الفرص لقياس مدى عمق التضامن بين الهند وإفريقيا· فمن الحركة المناهضة للاستعمار إلى حركة عدم الانحياز مرورا بالمطالبة بنظام اقتصادي دولي جديد التي أطلقت في إطار مجموعة ال77 أو مجموعة ال15 فقد ساهمت كل من الهند وإفريقيا بفعالية في هذه الكفاحات من أجل نظام عالمي أكثر عدلا واتزانا· تنعقد قمتنا في ظرف تشهد فيه التطورات الاقتصادية في إفريقيا والهند تقدما غير مسبوق، حيث أن الأداء الاقتصادي المعتبر للهند يجعلها جديرة بالاضطلاع بدور هام في إطار الشراكة المتفق عليها مع إفريقيا· ومافتئت القارة الإفريقية بدورها تسجل مؤشرات إيجابية في مختلف قطاعات الحياة الاقتصادية فبتحقيقها معدلات نمو بلغت 5 بالمائة دون انقطاع خلال العشرية الأخيرة باتت إفريقيا اليوم قارة مفتوحة على جميع الآمال· إن الجزائر تشارك في التجديد الإفريقي وقد استعادت عافيتها بعد مأساة وطنية أليمة لم تمنعها رغم ذلك من مواصلة مسار الإصلاحات بما فيها ما خص المجال الاقتصادي كما أنها منهمكة في "إعادة بنائها"· إن الجزائر بسوقها الوطنية الهامة تستقطب اليوم استثمارات خارجية ضمن تدفق متزايد مع كل الضمانات المطلوبة· وبالنسبة لأصدقائنا الهنديين فإن مؤسسة ميتال ستيل تعد نموذجا لنجاح كامل للشراكة بين قدرات بلدان الجنوب والتي تعرب الجزائر عن ارتياحها لها· من جهة أخرى شرعت الجزائر في تنفيذ برنامج طموح لتنمية المنشآت الوطنية في جميع المجالات قيمته 150 مليار دولار من النفقات العمومية كلها ممولة ذاتيا· كما يوفر هذا البرنامج فرصا للمؤسسات الهندية للإنجاز· أتمنى أن تساهم المؤسسات الكبرى الهندية في تشييد الجزائر وأخذ قسطها من الربح إلى جانب العشرات من المؤسسات الأجنبية الموجودة في بلدي· أصحاب الفخامة سيداتي سادتي إن تجربة الهند في التنمية تكتسي أهمية كبيرة بالنسبة لبلادنا كما ستكون مفيدة بالنسبة لجهود إصلاح اقتصادياتنا و تأهيل وسائلنا في الإنتاج· يتوجب علينا بذلك الشروع في مسار تثمين فعال لتكاملاتنا الاقتصادية ووضع بذلك أسس شراكة حقيقية تجمع المتعاملين الاقتصاديين والهنديين ونظرائهم الأفارقة· وأذكر بالتقدم الملحوظ الذي عرفته الشراكة بين الهند والدول الإفريقية في السنوات الأخيرة في جميع القطاعات وكذا النمو الملموس للمبادلات التجارية التي فاقت 25 مليار دولار سنتي 2006 و 2007 بعدما كانت تبلغ 1 مليار دولار فقط سنة 1991· يجب أن يدفعنا التقدم المحقق إلى الشروع في تقييم شامل وواضح لعلاقاتنا الاقتصادية والتجارية والثقافية والتوجه صوب المستقبل لأعمال الشراكة ضمن آفاق التنمية المشتركة· يجب علينا ألا نحصر علاقاتنا في إطار منطق تجاري محض· إننا ما نزال من دون شك بعيدين عن استغلال كامل طاقات التعاون فيما بيننا سيما في المجالات التي أصبحت الهند رائدة فيها على الصعيد العالمي مثل الصناعات الصيدلانية وتكنولوجيات الإعلام والاتصال· يتوجب علينا توجيه ديناميكية التعاون هذه نحو إقامة شراكة حقيقية تكون في مستوى تطلعات شعوبنا ذلك أن إفريقيا التي جددت العهد بالنمو باتت اليوم تتمتع بمكانة شريك ذي مصداقية· إن مبادرة الشراكة الجديدة من أجل تنمية إفريقيا (نيباد) تفتح آفاقا وإطارا ملائما لترسيخ دعائم الشراكة الهندية الإفريقية التي نتطلع إلى إقامتها· ويسعدني في هذا المقام أن أشير إلى أن أحد أهم مشاريع المنشآت القاعدية المندرجة في هذا الإطار يتمثل في أنبوب الغاز العابر للصحراء لاغوس- الجزائر الذي قد استقطب اهتمام عدد من المؤسسات الهندية الكبيرة· أصحاب الفخامة سيداتي سادتي تتيح لنا هذه القمة فرصة تاريخية لترسيخ حوار دائم بين الهند وإفريقيا ولوضع أسس شراكة سياسية واقتصادية من شأنها أن تفتح آفاقا جديدة للتعاون الشامل بين مجموعتينا· إن تمسكنا المشترك بالحوار والسلام واحترامنا للشرعية الدولية ليساعداننا في عملنا على تعزيز تشاورنا خدمة للسلام و التقدم ودمقرطة العلاقات الدولية· إن الاستقلالية الجماعية التي أدرجناها ضمن أولوياتنا في وضع أسس التعاون جنوب- جنوب باتت أكثر من أي وقت مضى هدفا بوسعنا تحقيقه· إن التضامن الذي ميز لحد الآن علاقات الهند مع القارة الإفريقية يدعو إلى شراكة من طراز جديد مستلهمة من نجاحاتنا و تجاربنا· إنني على قناعة من أن هذه الجلسات كفيلة بإعطاء النفس الضروري لإعادة تأسيس العلاقات الإفريقية الهندية التي نأمل في ترقيتها·