شهدت أسعار الماشية عشية عيد الأضحى المبارك ارتفاعاً جنونيا أثقل كاهل المواطن الذي كان يتوقع انخفاض الأسعار بمختلف نقاط البيع بالعاصمة سواء المنظمة منها أوغير المنظمة، حيث كشفت لنا الزيارة الميدانية، أمس، أن أسعار الماشية تراوحت بين 3 و5 ملايين سنتيم للأضحية وذلك حسب حجمها، مما أدى إلى عزوف المواطنين عنها رغم إلحاح أبنائهم ورغم تخصيص أكثر من 4 ملايين رأس لعيد الأضحى من أصل 23 مليون رأس حسبما كشفت عنه المصالح البيطرية بوزارة الفلاحة. قبيل حلول عيد الأضحى المبارك الذي تفصلنا عنه ثلاثة أيام لا يزال إقبال المواطنين على مواقع بيع المواشي محتشماً، حسبما لاحظته ''المساء''، أمس، بمختلف نقاط البيع التي زارتها بالعاصمة منها عين النعجة، أولاد فايت، الحميز وباب الزوار مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية، ويرجع الموالون والمواطنون هذا الاحتشام في الإقبال على شراء الأضحية إلى الأسعار المرتفعة بسوق الماشية هذه الأيام والتي فاقت التوقعات. وخلال الجولة الاستطلاعية التي قمنا بها لاحظنا أن أسعار الأضاحي لم تختلف كثيرا في مختلف نقاط البيع، حيث تراوحت بين 3 إلى 5 ملايين سنتيم وهي ''مبالغ تعجيزية''، حسب تعبير أحدهم، وضعت المواطن البسيط في حيرة من أمره إذ لا يزال الكثير من المواطنين يزورون أسواق الماشية يوميا طمعا في انخفاض واستقرار الأسعار، وذلك رغم الوفرة، حيث ذكرت وزارة الفلاحة والتنمية الريفية، أن عدد رؤوس الماشية المخصصة للأضاحي هذا العام ناهزت 4 ملايين رأس من أصل 23 مليون رأس إجمالاً. ويرى العديد من باعة المواشي والموالين أن ارتفاع سعر أضحية العيد هذه السنة يرجع إلى عدة أسباب أهمها زيادة التكاليف التي اضطرت الموّال إلى بيع الخروف هذه السنة ب35 ألف دينار والذي كان سعره في العام الماضي لا يتجاوز ال23 ألف دينار ولخص الموالون هذه التكاليف في النقل والمصاريف والأعلاف التي التهبت أسعارها وكذا كراء المستودعات لبيع الماشية بعد أن منعت سلطات ولاية الجزائر هذا العام البيع في الأماكن غير المرخصة وتوعدت كل المخالفين بحجز الماشية والأعلاف. وأكد السيد جليدة عبد المالك موال قدم من ''البيرين'' بالجلفة وجدناه بأولاد فايت ل''المساء'' أنه يقوم ببيع الماشية بمستودع استأجره ب4 ملايين سنتيم تضاف إليه تكلفة النقل الباهظة وهي عوامل تؤثر في سعر الماشية فضلاً عن تكاليف الأعلاف، الشعير والنخالة التي هي الأخرى أسعارها مرتفعة تتراوح على التوالي بين 4000 و2500 دج، معتبراً ادعاءات الزبائن واتهامهم للمربين بالتلاعب بالأسعار لا أساس لها من الصحة، من جهة أخرى، أشار محدثنا أن القطيع خضع لفحص بيطري من قبل البياطرة التابعين لمديرية الفلاحة بمنطقتهم، وجميعهم يملكون الترخيص البيطري، وهي الوثيقة المطلوبة في نقاط التفتيش الأمنية. الأسعار الملتهبة تصدم المواطن .. بالرغم من التفسيرات التي يقدمها الموالون دفاعا عن تجارتهم يبقى المتأثر الوحيد بارتفاع أسعار الماشية هو المواطن البسيط ذو الدخل المحدود الذي تجده يراقب الأسعار من قريب ومن بعيد، حيث أن الزبائن الذين وجدناهم في مختلف نقاط البيع أكدوا لنا أنهم ''أصيبوا بخيبة أمل كبيرة'' لارتفاع سعر الماشية من سنة إلى أخرى وفي هذا الصدد قال رضا الذي التقته ''المساء'' بأولاد فايت: ''أنا مضطر للتخلي على سُنّة الذبح لأنني عاجز مالياً عن شراء خروف صغير بمبلغ مالي يقدر ب33 ألف دينار وكنت أعتقد أن الأسعار ستعرف استقرارا في الأيام الأخيرة من البيع لكنها في ارتفاع متواصل''، أما عبد القادر الذي صادفناه بالحميز والذي كان يحوم حول الموالين ''يجس نبض'' أسعار الماشية فقال لنا: ''أنا موظف بسيط ومدخولي الشهري يقدر ب29 ألف دينار فكيف لي أن أشتري خروفا يفوق دخلي''، مستغرباً غلاء سعر الخروف العادي الذي كان يقدر ثمنه في وقت مضى ب20 ألف دينار على الأكثر. التعليمة الولائية لم تطبق بالعاصمة وبشأن تنظيم فضاءات بين أسواق الماشية تبين لنا أن أغلبية نقاط البيع بمختلف بلديات العاصمة غير منظمة وهي منتشرة بشكل كبير، ولم نر أثراً لتعليمة مصالح ولاية الجزائر التي أرسلتها إلى مصالح بلديات العاصمة، بضرورة تحديد نقاط بيع أضاحي العيد، حيث لم تختف ظاهرة كراء المستودعات والمحلات داخل التجمعات السكانية مثلما هو الحال ببلديات باش جراح، جسر قسنطينة، الحراش، باب الزوار، بوروبة والكاليتوس التي تحولت أرصفتها إلى سوق لعرض الكلأ، والمحلات الشاغرة إلى فضاءات لبيع الأضاحي في غياب المراقبة.