أكثر الأذية والإساءة التي تبقى آثارها في النفس والذاكرة، هي أذية القريب لا الغريب، وأشد الضرر الذي يأتي من صديق أكثر مما يأتي من عدو، والرسول صلى الله عليه وسلم عانى من الاعتداء عليه من ذوي القربى ومن عشيرته وأهله من قريش أكثر مما عاناه من غيرهم من القبائل العربية، والإيذاء والإساءة اللذين يتعرض لهما الرسول صلى الله عليه وسلم من الصهاينة في جلود غربية أوروبية، إذا ما قورن بالإيذاء الذي يمارسه المسلمون على بعضهم البعض، والذي يعتبر هو الآخر إساءة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، أكثر من الإساءة الصهيونية، الدانماركية والهولندية، فكيف نفسر حصار غزة ليس من قبل الصهاينة، وإنما من قبل المسلمين فالصهاينة هم أعداء ولا يلامون على أفعالهم الشنيعة، لأن العدو يبقى هدفه وغايته إلحاق الأذى بعدوه، أما من يربطهم رباط الدين والدم، فإن أذيتهم تخدم العدو أكثر مما تضر به، وتضر بأهلهم أكثر مما تنفعهم، لأن سياسة الخنوع والكذب والتملق المنتهجة من قبل أشقاء غزة تخدم الصهاينة، والصهاينة مهما توددنا إليهم فهم أعداء حتى وإن اعتقدنا أنهم غيروا جلودهم وصهيونيتهم، والرسول صلى الله عليه وسلم ونحن نؤذيه في غزة وفي الأقصى أكثر من إيذاء الرسوم له في الدانمارك، لأنه صلى الله عليه وسلم يأبى الضيم ومن أشهر أقواله : انصر أخاك ظالما أو مظلوما، والتي أكدتها المقولة الدبلوماسية الجزائرية بصراحة : نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة، وصدق الشاعر حين قال في رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا حاميا حوزة العليا ومن شرفت به القبائل واعتزت به العرب نجد غريب ديار عن حماك غدا محلفا ما له زاد ولا أهب وانظر لأمتك القوم الضعاف فقد عم البلاء وزاد الويل والحرب وهذه حال أمتنا اليوم تطعن في رسول الله صلى الله عليه وسلم، حينما تهدر دماؤها ويضرب بعضها بعضا ويصدر بعض من ينتسبون إليها فتاويهم بهدم الديار وتيتيم الصغار وهتك الأعراض وإباحة سفك الدماء التي حرمتها عند الله أقدس من حرمة بيته، أليست هذه الأفعال الشنيعة والأقوال الفظيعة إساءة إلى رسول الله·