دعا مختصون في علم الاجتماع إلى ضرورة سن قوانين ردعية لحماية المرأة من كل أشكال العنف خاصة العنف الجسدي، الذي أصبح يشكل خطرا كبيرا إذا علمنا أن 64 بالمائة من حالاته خطيرة جدا، وعادة ما يكون في الأوساط العائلية مما يجعل المرأة تتفادى تقديم شكوى لأسباب عائلية خوفا من الطلاق أو رد فعل المجتمع. وتشير الإحصائيات إلى تسجيل 12632 حالة عنف ضد المرأة خلال التسعة أشهر الماضية من طرف مصالح الأمن والدرك الوطنيين. شدد المشاركون في يوم برلماني حول ''العنف ضد المرأة بالجزائر'' على ضرورة الإسراع في سن قوانين ردعية من أجل مكافحة العنف الممارس ضد النساء، والسهر على مراقبة مدى تطبيقها في الميدان لحماية هذه الفئة من العنف الذي تتعرض له، والتحسيس بأهمية كشف كل حالاته من خلال تغيير الذهنيات باعتبار أن المجتمع الجزائري لا يزال ينظر إلى هذا الموضوع بأنه من الطبوهات ومن العيب كشفها خشية من رد فعل المجتمع خاصة إذا تعلق الأمر بالعنف الممارس من قبل الزوج، الأب، الأخ، أو الابن.. وتؤكد الأرقام أن نسبة الشكاوى التي تتقدم بها النساء ضحايا هذا العنف لا تتعدى 15 بالمائة، علما أن أكثر حالات هذا العنف ممارسة من قبل الزوج الذي يمثل نسبة 4,29 بالمائة من الحالات الخطيرة التي تقدر نسبتها ب64 بالمائة، يليه العنف الممارس من طرف الأخ بنسبة 6 بالمائة، ثم الأب بنسبة 1,2 بالمائة، والخطيب ب 2 بالمائة. وأضاف المتدخلون في اللقاء، من باحثين في علم الاجتماع والانثربولوجيا أن هذه الأرقام المخيفة وبالرغم من ضخامتها لا تعكس الواقع بنسبة 100 بالمائة كون عدد كبير من ضحايا هذا العنف لا يتقدمن بشكاوى لدى الجهات الأمنية ويعانين منه في صمت خشية تضاعفه. وفي هذا السياق، أكد السيد عبد العزيز زياري رئيس المجلس الشعبي الوطني التزام الجزائر بمحاربة هذه الظاهرة من خلال مصادقتها على الاتفاقيات الدولية المناهضة للتمييز ضد المرأة وتمكينها من المساواة مع الرجل في مختلف القوانين والدساتير، حيث أفاد السيد مسعود شيهوب نائب رئيس المجلس الشعبي الوطني في كلمة قرأها نيابة عن السيد زياري أن البرلمان الجزائري متمسك بالتشريعات الدولية الخاصة بحماية المرأة ويسهر على تطبيقها بعد مصادقة الجزائر على عدة اتفاقيات دولية تنص على ترقية حقوق المرأة، منها اتفاقية سنة 1996 التي رافقها قرار إنشاء مجلس وطني للمرأة ومركز وطني لاستقبال النساء ضحايا العنف والتكفل بهن. بالإضافة إلى تطبيق بنود برتوكول منع الاتجار بالأشخاص، وخاصة بالنساء والأطفال، المكمل لاتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة والاتفاقية المتعلقة بالحقوق السياسية للمرأة التي تمت المصادقة عليها أيضا. وأضاف المتحدث أن حماية المرأة من العنف يحظى باهتمام السلطات وهو مكفول في جميع القوانين سارية المفعول من خلال إدخال إصلاحات على عدة تشريعات تتعلق بهذه الفئة من المجتمع في قطاع العدالة والأسرة، إلى جانب العمل على ترقية حقوقها في جميع المجالات بما فيها السياسية منذ التعديل الجزئي للدستور سنة ,2008 حيث دعا رئيس الجمهورية إلى ترقية الحقوق السياسية للمرأة وهو التعديل الذي تبعه إصدار قانون عضوي ينص على توسيع مشاركة المرأة في المجالس المنتخبة هذه السنة. وفي هذا السياق، عبر المتحدث عن استعداد البرلمان للمبادرة بأي تشريع لتحقيق مبدأ المساواة بين المرأة والرجل وفقا لما ينص عليه الدستور والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها الجزائر في هذا المجال، وكل ما من شأنه حماية المرأة أيضا من كل أشكال التمييز والعنف والاعتداء وفقا للقوانين الدولية والشريعة الإسلامية. وفي سياق متصل، توقفت السيدة نوارة سعدية جعفر عند مختلف البرامج الوطنية المدعمة لحق المرأة والمحاربة لظاهرة العنف ضدها، مشيرة إلى أن هذه الظاهرة لا تقتصر على الجزائر فقط، بل هي ظاهرة تعاني منها مختلف المجتمعات حتى المتقدمة منها.