اكدت ألمانيا دعمها للجزائر في متابعة ''الإصلاحات السياسية الديمقراطية'' التي باشرتها، آملة في أن تواصل في هذا المنحى انطلاقا من ''أن المشاركة السياسية والآفاق الاقتصادية وجهان لعملة واحدة''، كما أبدى البلدان إرادتهما لتطوير التعاون الثنائي الذي انتقل إلى المرحلة التطبيقية بعد زيارة المستشارة الألمانية انجيلا ميركل للجزائر سنة 2008 وزيارة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة إلى برلين في ديسمبر .2010 وقد أبدى وزير الخارجية السيد مراد مدلسي ونظيره الألماني السيد غيدو فيسترفيل في ندوة صحافية مشتركة، امس، بإقامة الميثاق تفاؤلهما بخصوص المنحى الذي ينتظر أن تشهده العلاقات الثنائية بفضل فرص التعاون التي يتوفر عليها البلدان والتي تجسدت بشكل ملموس -مثلما أكد على ذلك السيد مدلسي- في إنشاء اللجنة الاقتصادية للتعاون الجزائري -الألماني التي عقدت اجتماعها الأول شهر مارس 2011 ببرلين في انتظار عقد الاجتماع الثاني بالجزائر شهر مارس المقبل. وفي هذا الصدد أشار الوزير الألماني إلى أن هذه اللجنة ''تعد منتدى لرجال أعمال البلدين لبحث سبل وإمكانيات تحديد مجالات الشراكة''. وإذ وصف رئيس الدبلوماسية الجزائرية العلاقات الثنائية بالممتازة، فقد أشار إلى أنها لا تنحصر فقط في الجانب الاقتصادي مع أهميته وإنما تشمل أيضا الجوانب العسكرية والأمنية والثقافية. مضيفا في هذا الصدد ''نحن على قناعة بأن الموقع الهام لألمانيا كقوة معترف بها ونوعية تكنولوجيتها يعدان من بين المؤهلات الإيجابية'' التي تسهم في تطوير أكبر للتعاون. وأوضح أن محادثاته مع نظيره الألماني سمحت بالتطرق إلى اوضاع البلدين والقضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك، كما هو الشأن بالنسبة للتطورات العربية ومنطقة الساحل والقضية الفلسطينية التي تظل مشكلا عويصا، مع الدعوة إلى الانطلاق في المفاوضات والدفاع عن دولة فلسطينية في حدود 67 عاصمتها القدس، مؤكدا اعتزازه بالروح الإيجابية التي وجدها لدى الطرف الألماني في التعاطي مع هذه القضايا. من جهته، رفض السيد فيسترفيل أن تنحصر الشراكة الألمانية مع الجزائر وفق رؤية محدودة تقتصر على الجانب الاقتصادي فحسب، بل أبدى تطلعه إلى شراكة شاملة تمس السياسة والانفتاح الاجتماعي. كما أكد أن بلاده تعتبر الجزائر شريكا ''على قدر كبير من الأهمية'' بالنسبة لألمانيا وبلدا محوريا في منطقة المغرب العربي، مبديا استعداد ألمانيا لإقامة شراكة ''وثيقة ومكثفة'' مع الجزائر. وهي الرؤية التي تقاسمها معه وزير الخارجية مراد مدلسي، عندما أشار إلى قدم العلاقات الثنائية والتي انصبت على الفضاء الاقتصادي منذ السبعينيات بفضل التواجد الكبير للشركات الألمانية الضخمة بالجزائر، ليؤكد أن هذا التعاون أصبح اليوم ضروريا ليس فقط في مجال الطاقات المتجددة بل أيضا في الميادين التي يمكن للبلدين التعاون فيها ومن ثم تمكين الجزائريين من التحكم في التكنولوجيات الحديثة. وأمام الاهتمام الذي أبداه الطرف الألماني مؤخرا بمشروع ديزرتيك، فقد أكد السيد فيسترفيل أن هذا المشروع يمكن أن يكون أحد أسس التعاون الاقتصادي في المنطقة ككل لأنه لا يعني تصدير الكهرباء فقط وإنما ضمان تغطية احتياجاته في الجزائر والمنطقة المغاربية وتموين أوروبا الوسطى، مما يعني تحقيق المنفعة المتبادلة، غير أنه أشار إلى أنه بالنظر إلى الأهمية التي يشكلها هذا المشروع الطموح والمكلف، فإنه يبقى بحاجة إلى المزيد من الجهود ودور سياسي فعال لإنجاحه. كما تطرق إلى الاهمية التي تشكلها التكنولوجيا الطبية التي تزخر بها ألمانيا، من حيث ضمان المساعدة الطبية وتوفير مناصب شغل في الجزائر، مؤكدا استعداد بلاده للاستثمار في هذا المجال. وبخصوص سؤال حول الأزمة السورية قال السيد مدلسي إن الجامعة العربية تقوم بعمل جبار من أجل حل هذه الأزمة وأن الجزائر تشارك اليوم الاحد في اجتماع وزاري تقييمي على مستوى الجامعة العربية يترأسه الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية، مضيفا انه من خلال هذا التقييم ''سنعمل جاهدين على مستوى الجامعة العربية والحكومة السورية حتى تتحسن ظروف عمل اللجنة العربية المكلفة بالملف من أجل تمكين الشعب السوري من استعادة أمنه واستقراره''. دعوة الجزائر لمراقبين دوليين للانتخابات دليل الشفافية ومن جهة أخرى، وصف رئيس الدبلوماسية الألمانية الدعوة التي وجهتها الجزائر لمراقبي هيئات دولية منها الاتحاد الاوروبي بمناسبة الانتخابات التشريعية المقبلة المزمع عقدها في سنة 2012 بأنها ''مؤشر هام للشفافية''. مضيفا في هذا الصدد أن هذه الدعوة ''ستعزز الثقة إلى حد كبير''. وكان وزير الشؤون الخارجية السيد مراد مدلسي قد عقد أمس جلسة عمل مع نظيره الألماني الذي شرع أمس في زيارة رسمية إلى الجزائر تختتم اليوم. وجرت الجلسة بإقامة جنان الميثاق بحضور أعضاء وفدي البلدين. وكانت وزارة الشؤون الخارجية قد أوضحت في بيانها أن زيارة السيد فيسترفيل على رأس وفد هام إلى الجزائر تأتي في سياق ''يتميز بحركية لتعزيز العلاقات الجزائرية الألمانية''. كما تأتي في سياق تبادل الوفود رفيعة المستوى بما يعكس ''الديناميكية'' التي شهدتها العلاقات الثنائية بين البلدين. وعلى المستوى الاقتصادي ستكون هذه الزيارة فرصة سانحة لاستعراض وضعية العلاقات الثنائية ودراسة سبل ووسائل إعطائها ''حركية تكون في مستوى القدرات التي يزخر بها البلدان''. وقد بلغ حجم المبادلات التجارية بين البلدين سنة 2011 ما يقارب ثلاثة ملايير دولار تمثل الواردات الجزائرية منها 2,5 مليار دولار فيما وصل حجم الصادرات الى 498,5 مليون دولار خلال نفس السنة بتسجيل ارتفاع في حدود 30 بالمائة مقارنة بسنة .2010