سجلت خلية معالجة المعلومات المالية العام الماضي 1398 تصريح شبهة في جريمة تبييض الأموال، ملاحظة تراجعا في عدد هذه التصاريح بنسبة تفوق 100 بالمائة مقارنة بسنة 2010 حيث تم تسجيل 3302 تصريح تخص الاشتباه في نفس الجريمة. وقد عرفت هذه الظاهرة الخطيرة التي تتغذى على تنامي مظاهر الاقتصاد العشوائي والسوق الموازية وما يصاحبهما من تفضيل التعامل بالسيولة على المعاملات البنكية، تزايدا لافتا خلال السنوات الأخيرة، حيث تم تسجيل 5000 تصريح أو حالة إخطار بشبهة تبييض أموال منذ سنة ,2005 حسب الأرقام التي قدمها وزير المالية السيد كريم جودي قبل يومين بمجلس الأمة، والتي كشف فيها بأن خلية الاستعلام المالي التي أنشئت في أفريل ,2002 سجلت في سنة 2005 التي صدر فيها قانون مكافحة جريمة تبييض الاموال والوقاية منها 11 إخطارا بشبهة تبييض الأموال، فيما تم تسجيل 36 إخطارا في 2006 و66 إخطارا في 2007 لينتقل عدد التصاريح بالشك في هذه الجريمة إلى 135 تصريحا في 2008 و328 تصريحا في ,2009 قبل أن يرتفع بشكل رهيب في سنة 2010 حيث تم تسجيل 3302 تصريح ، فيما تراجع عدد التصاريح بالشك في هذه الجريمة إلى 1398 تصريحا خلال العام الماضي. وتتصل جريمة تبييض الاموال بشكل خاص بعمليات تهريب الاموال إلى خارج التراب الوطني، الأمر الذي يدفع بخلية معالجة الاستعلام المالي إلى تنسيق عملها مع الهيئات الدولية التي تشترك معها في طبيعة المهام، وذلك بغرض تبادل المعلومات المالية مع الخلايا الأجنبية وفق شروط المعاملة بالمثل، مع الإشارة إلى انه ليس كل حالات الإخطار بالجريمة يتم بالضرورة إحالتها على العدالة، بل هناك من الحالات التي تستبعد فيها حالة الشك توضع محل الانتظار للمعالجة الدقيقة. وحتى وإن كان تفاقم الظاهرة في بلادنا، له علاقة بحداثة هذا النوع من الجرائم الاقتصادية، إلا أن الإجراءات التنظيمية والوقائية التي وضعتها الدولة منذ صدور القانون 05 - 01 المتعلق بالوقاية ومكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب في 15 ديسمبر ,2005 تعزيزها بالتوقيع على مجموعة من اتفاقيات التعاون الإقليمي والدولي في هذا المجال سمحت بتحقيق تقدم معتبر في مجال مكافحة هذه الجريمة، ولا سيما على مستوى الإنذار ورصد هذه الجرائم عند وقوعها والإخطار بحالات الشك ومعالجة المعلومات المالية، حيث يلزم قانون 2005 حول تبييض الأموال وتمويل الإرهاب المؤسسات المالية والمصرفية بإيداع تصريح بشكوك لدى خلية معالجة المعلومات المالية في حالة الشك في أية عملية مالية تبدو غير عادية أو دون مبرر اقتصادي، كما يخضع لنفس القانون مهنيين آخرين غير ماليين، على غرار الموثقين ومدققي الحسابات والمحامين والمحضرين القضائيين، والذين حددهم القانون في مادته ال19 ب'' كل شخص معنوي أو طبيعي يمارس مهام تقديم استشارة أو إنجاز عمليات يترتب عليها القيام بودائع وتبادلات استثمارات، لا سيما أصحاب المهن الحرة المنظمة''. وتتمثل مهمة خلية معالجة المعلومات المالية جمع ومعالجة الإخطارات بالشبهة المودعة لديها من قبل المؤسسات والهيئات التي تخضع للقانون المذكور، وإرسال أي ملف يشتبه فيه إلى وكيل الجمهورية المختص إقليميا والذي يقوم بدوره بتحريك الدعوى القضائية في حالة التأكد من الجريمة. وبغرض تعزيز مهامها وضمان مكافحة أنجع لتبييض الأموال، أضيفت للخلية مهمة جديدة سنة 2006 تتعلق بمنظومة مكافحة الفساد المنصوص عنها في المادة 16 من قانون 06-01 المؤرخ في 20 فيفري 2006 المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته. ويجدر التذكير أن عدد التصاريح بالشك التي سجلتها الخلية المذكورة في السداسي الأول من العام الجاري، قدر ب600 تصريح، حسب الأرقام التي قدمها مدير الخلية السيد عبد النور حيبوش بمناسبة الاجتماع ال14 لفريق العمل المالي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا المكلف بتبييض الأموال، موضحا خلالها بأن الخلية لا تستطيع التفريق بين عملية لتبييض الأموال وأخرى تخص تمويل الإرهاب إلا بعد تحقيق دقيق تقوم به مصالح أخرى مختصة في محاربة الجرائم المالية. وتتمثل جريمة تبييض الأموال في إدماج أموال ذات مصدر غير قانوني كالمخدرات وبيع الأسلحة والرشوة في الإدارات المالية والمصرفية لسحبها، بعد ذلك بعد إضفاء طابع الشرعية والقانونية عليها.