إن الصراحة التي توخاها فخامة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في خطابه أول أمس للأمة، قد أضفت الكثير من الشفافية على مسعى السلطات في الوصول إلى تنظيم انتخابات تشريعية معبرة عن إرادة وطموحات الشعب الجزائري، من أجل ترسيم مرحلة جديدة في المسار الديمقراطي، ولا شك أن شفافية هذا الطرح التي اتسم بها خطاب فخامة الرئيس، كافية أيضا لتبديد كل المخاوف التي يتحدث عنها بعض الشركاء السياسيين، الذين عودونا عند كل موعد انتخابي، على توظيف لغة التشكيك في أي مسعى وطني يراد به ترسيخ وتوسيع الممارسة الديمقراطية، إذ أن فخامة الرئيس أوصى بحياد الإدارة كواحد من أهم شروط إنجاح الاستحقاقات، بل وحث على ذلك، كما أنه طالب من كل المترشحين الذين يمارسون وظائف سامية أو عمومية بعدم استغلال إمكانيات الدولة في حملتهم الانتخابية، وذلك في إشارة واضحة إلى تبديد كل تلك المخاوف، وبالتالي طمأنة كل النفوس بأن السلطة ستقف على الحياد، وأنها لا تسمح لأي كان باستغلال هذه الإمكانيات لأغراض حزبية أو انتخابية. والأكثر من ذلك، فإن خطاب فخامة الرئيس لم يخل من الإشارة إلى أن الانتخابات التشريعة المقبلة ستكون مفتوحة للمراقبين والملاحظين الدوليين والمنظمات غير الحكومية، وفي ذلك ضمانة أكيدة على أن العملية الانتخابية لن يشوبها أي شك أو ما يقلل من نزاهتها ومصداقيتها. لكن يبقى على الأحزاب السياسية المعنية بقبول قواعد اللعبة الديمقراطية، أن تكون واعية بضرورة تقديم برامج ترقى إلى مستوى تطلعات الشعب، وكذا تقديم أحسن مرشحيها لهذا الموعد، إذا أرادت استمالة المواطنين لقبول خطابها أو التكيف مع برامجها المقترحة، ولا شك أن خطاب فخامة الرئيس لم يهمل هذه الإشارة حين تحدث للفاعلين في العملية الانتخابية. والأكثر من ذلك، فإن هذه الأحزاب مطالبة بتوفير مراقبين ينتمون إلى قواعدها النضالية بالدرجة الأولى، وهذا شيء ضروري لمراقبة ونجاح العملية الانتخابية، لأن العمليات السابقة أثبتت أن دعاة التزوير والغش من هذه الاحزاب، كانوا خارج النص، لأنهم فشلوا حتى في إيجاد ممثلين لهم في لجان المراقبة، بل إن فيهم من لجؤوا إلى الشارع للاستجاد بأناس لا يملكون ثقافة انتخابية أو رقابية لانتدابهم كمراقبين، والنتيجة في مثل هذه الحالات يعرفها العام والخاص...