تأنيث المحلات النسائية.. رفع للحرج و''تأميم'' لخصوصية المرأة! أخيرا صار بإمكاني اقتناء ملابسي الداخلية بدون حرج، بعيدا عن تلك النظرات الرجالية التي تدقق النظر فيّ لتحدد مقاسي، وبدون تلك الأسئلة المنغصة التي تدفعني إلى شراء السلعة دون اقتناع.. هكذا كانت إجابة الطالبة ''فاطمة الزهراء'' من كلية الحقوق، والعديد من النسوة اللواتي استطلعت ''المساء'' آراءهن بخصوص ظاهرة تأنيث بعض محلات الملابس الداخلية النسوية بالعاصمة، مؤكدات على ضرورة تعميم هذا ''التأنيث'' على كافة المحلات الخاصة بالمستلزمات النسوية. بعد موجة المحلات المتخصصة التي ميزت عالم التجارة بالعاصمة في السنوات الأخيرة، امتد التغيير ليؤدي إلى تأنيث بعض محلات المستلزمات النسائية، لاسيما تلك المتعلقة بالملابس الداخلية، والتي كانت حكرا على الرجال منذ عدة عقود. وفي هذا الصدد، عبر عدد من الفتيات والسيدات من العاصمة عن استحسانهن لفكرة استبدال البائع ببائعة في بعض محلات الملابس الداخلية النسوية، مشيرات إلى أنها خطوة ساهمت في وضع نقطة النهاية لحرج طال أمده في الوسط النسوي. كما فتحت مجالا جديدا لتوظيف النساء العاطلات عن العمل. واللافت للانتباه -حسب ما كشفته تصريحات بعض المشرفات على البيع- في محلات الملابس النسوية الداخلية، هو أنّ نسبة المبيعات ارتفعت بشكل ملحوظ، مقارنة بوقت مضى.. ولعل أنّ ارتفاع معدلات البيع سيكون حافزا لأصحاب المحلات النسائية لحذو حذو التجار الذين قاموا بتأنيث محلاتهم، للتمكن من المنافسة. بائعة بمحل قريب من النفق الجامعي، سجلت أنّ نسبة المبيعات ارتفعت بدرجة ملحوظة بعد أن تم توظيفها في المحل، لأنّ ذلك رفع الضيق عن الكثير من النساء، فكثر إقبالهن، خاصة وأنّ البائعة أقدر على فهم قرينتها بهذا الخصوص، والإجابة عن كافة أسئلتها، وتزويدها بالإرشادات اللازمة دون أي حرج. واستكملت لتوضح أنّ الترحيب من السيدات كان منقطع النظير، إذ أصبحت المرأة تطرح كل التساؤلات الّتي تشغلها، وتشير بأصبعها إلى القطعة التي تريدها دونما تحفظ كما في السابق، مما سمح بصرف قطع كانت مهددة بالكساد، قبل التحاقها للعمل بالمحل في الأشهر القليلة الماضية. وحسب وجهة نظرها، فإنّ العديد من أصحاب المشاريع التجارية تفطنوا إلى أهمية تأنيث المحلات التي تعنى ببيع لوازم تخص المرأة، على غرار الملابس الداخلية، ثياب النوم، أدوات الزينة وغيرها من اللوازم التي تتطلب التجريب، معتبرة ذلك بمثابة تحول إيجابي في سوق التجارة. ولاحظت أيضا أنّ كل من تقصد المحل تبارك هذا ''التأنيث''، فعدة زبونات يحمدن الله بمجرد أنّ يتبين لهن أنّ البيع في المحل تحت إشراف امرأة بدلا من رجل، لأنّ ذلك يُخلصهن من الضيق المتأتي من تلك النظرات التي تتفحص أجسادهن لمعرفة المقاس المناسب..''، وكل هذا الضيق تحول الآن إلى اطمئنان، لاسيما وأنّه بات بإمكانهن حاليا تجريب السلعة قبل شرائها، إذ أنهن ينتقين السلع بكل تأنٍ، ويستشرنني ويسمحن لي بأخذ مقاساتهن بدون حرج''، مثلما أضافت. وقالت بائعة أخرى بشارع أرزقي حماني، بالجزائر الوسطى: ''إنّ تأنيث محلات الملابس النسوية الداخلية، أعطى فرصة لتوظيف المزيد من النساء في مجال كان في السابق حكرا على الرجال.'' وذكرت ل''المساء'': ''هذا العمل يناسب المرأة أكثر من الرجل، لأنّه أصبح يمنح للزبونات راحة لطالما افتقدنها فيما مضى''. وتابعت البائعة لتبرز أنّ هذه الخطوة محل تأييد الرجال أيضا، حيث أنّ الأزواج الذين يرافقون السيدات، يثنون ويبدون ارتياحا لتسوق نسائهم مع نساء مثلهن، لافتة إلى أنّ هذه الخطوة المستحدثة، تبيح للنساء تفادي خسائر مالية كنّ يكابدنها من قبل، حيث لا يتجرأن على العودة إلى المحل لاستبدال اللباس الداخلي الّذي لا يناسب مقاسهن، بدافع الخجل. وفيما فتحت هذه الخطوة باب رزق لبعض النسوة، فإنّها في المقابل منحت راحة نفسية، لا تقدر بثمن للنساء عامة، كونها تحفظ خصوصية المرأة. الزبونات يتنفسن الصعداء زبونة كانت بالمحل، جاء على لسانها: ''في السابق، كنت أخجل كثيرا وأرتبك من تفحص السلع أمام الرجل البائع.. ولحسن الحظ، جاءت خطوة تأنيث المحلات النسائية لترفع عني ضيقا كان يدفعني لاختطاف السلعة بسرعة دون معاينتها جيدا، هروبا من الإحراج، لأجدني أحيانا قد اقتنيت سلعة لا تتوافق مع ذوقي بالضرورة''. ''فاطمة الزهراء'' و''زينب''، طالبتان من كلية الحقوق، رحبتا كثيرا بفكرة تأنيث محلات الملابس النسوية، كونها تغمرهما بالراحة لدى اقتناء احتياجاتهن النسوية، في غياب رجل يشاركهما خصوصيتهما. وتمنت كلاهما لو تتعمم ظاهرة توظيف المرأة في كافة محلات الملابس النسوية. وشاركهتما الترحيب بهذه الخطوة موظفة بدورة مياه عمومية بالجزائر الوسطى، بالقول: ''لاشك في أنّ هذا الأمر يروق لكافة النساء، طالما أنّه رفع عنهن حرجا طال أمده''. ''أشعر بضيق كبير عندما تهترئ ملابسي الداخلية، فيحين موعد تجديدها.. من هنا تسيطر عليّ معاناة نفسية، مصدرها التفكير في أنّ البائع رجل''!.. تصورات سلبية عادت إلى ذاكرة السيدة ''نعيمة. م''، إطار في مؤسسة عمومية، عندما استطلعت ''المساء'' رأيها. وواصلت حديثها قائلة: ''تتصاعد مؤشرات الضيق عندما يكون البائع ملتحيا ومشغلا للقرآن الكريم، وفي نفس الوقت ملحاحا يطاردني بأسئلته التي تنسف حرية اختيار الملابس.. ويزيد الإحراج إذا باشرني البائع بالعرض، لاسيما وأنّ السلع مرفقة بصور تخدش الحياء، فأضطر أحيانا لشرائها بسعر مضاعف، لكون المحل واقع في زاوية لا يكثر فيها تردد عامة الناس أو لكون صاحبه غير ملحاح ببساطة''. وبرأيها، هي أسئلة في معظمها غير مبررة، لأنّ كل زبونة تعرف مقاسها ومتطلبات ذوقها والسعر الّذي يناسب جيبها. والإلحاح الّذي يعتبره البعض أسلوبا تجاريا لجذب الزبون ما هو في الحقيقة إلاّ تنفير.. لقد حان الوقت فعلا لتغيير هذه الذهنيات و''تأميم'' مستلزمات المرأة بوضعها في أيد نسوية''، مثلما قالت المتحدث