يختتم اليوم بقصر رياس البحر بالعاصمة معرض »تراث وثقافة« وذلك في إطار إحياء شهر التراث، حيث ضم عدة أجنحة تعكس إبداع الفنانين والحرفيين. يتشكل الإبداع في أرقى تجلياته من خلال العروض التي تفنن المشاركون في تقديمها للجمهور، حيث حضر الفن التشكيلي والخط العربي وفنون النقش والتلوين والحياكة وغيرها. التقت ''المساء'' بالمناسبة بالآنسة سرين بلحاج وهي مستشارة ثقافية بمديرية الثقافة لولاية الجزائر التي أشارت إلى أن المعرض عبارة عن احتفالية بشهر التراث وهو من تنظيم مديرية الثقافة للعاصمة بالتعاون مع مركز الفنون والثقافة بقصر الرياس. يضم المعرض عدة أجنحة منها جناح »الرسم على الزجاج«، »الرسم على السيراميك«، »صناعة الجلود«، »النقش على النحاس« و»الحلي« وكذا »اللباس التقليدي والأفرشة«. وأكدت الآنسة بلحاج أن الاقبال على المعرض من طرف الجمهور معتبر، ولا يقتصر على العاصمة، فهناك اقبال من بعض الولايات، فخلال زيارة ''المساء'' للمعرض لوحظ تواجد وفد من الزوار قدموا من ولاية قسنطينة، كما أن المعرض يتماشى والجو التاريخي السائد بقصر »رياس البحر« مما يزيد في المتعة والأصالة. حضرت المعرض الفنانة توزان نادية التي امتلأ جناحها بالتحف التي تبدو للزائر وكأنها قطع أثرية من فرط إتقانها وأصالتها تنطق تميزا وتعبيرا عن كل ما هو ثقافة وحضارة إسلامية. السيدة نادية قدمت مجموعات من الاواني والزجاج والنحاس والخشب والقماش تقول ل''المساء'' أنها خريجة مدرسة الفنون الجميلة بالعاصمة، تتلمذت على أيدي فنانين معروفين استفادت منهم في تكوينها البيداغوجي والعملي كما أنه يتعاطى مع عدة فنون واختصاصات كالمنمنمات والرسم على الزجاج والسيراميك، إضافة الى كونها تمزج باحترافية بين الزجاج والنحاس مما جلب لها الاعجاب والتشجيع. السيدة نادية تمارس هذا الفن منذ نعومة أظافرها (9سنوات) وهي تحاول اليوم إيصال موهبتها لابنتها الشابة وللجيل الصاعد كي يساهم بدوره في تطوير هذا الفن الذي يحمل الكثير من خصوصية الهوية الثقافية الجزائرية. تؤكد الفنانة في حديثها ل''المساء'' أن كل معارضها ناجحة خاصة بالسفارات الاجنبية ببلادنا كسفارة فرنسا وبريطانيا والولاياتالمتحدة علما أن هؤلاء الأجانب مولعون بالفن الاسلامي والحضارة الشرقية خاصة في الديكور والمنمنمات والخط العربي. من جهة أخرى، فإن الفنانة مهتمة كثيرا باقتراحات الجمهور وتحاول أن تجسدها في أعمالها فمثلا يقترح الجمهور مع طلة كل ربيع تخصيص مساحة للزهور والألوان في معرضها وهو ما يقوم به فعلا، كما أنها تراعي موضوع كل معرض أو المنطقة التي يقام فيها فمثلا عندما أقامت معرضها بقسنطينة حاولت توظيف تقنية النحاس باعتبار أهل قسنطينة مولعين بالنحاس وقد قامت بمزج هذه المادة مع الزجاج مما ساهم في شهرتها هناك. قامت في مناطق أخرى ايضا برسم الحيوانات المنتشرة في الجزائر الواسعة في صحون ضخمة، الأمر الذي انتبه له الأجانب فأصبحوا يلهثون وراء هذه الابداعات، حيث أشارت السيدة نادية إلى أن إبداعات الجزائريين جد مطلوبة في الخارج لذلك تطلب الدعم الكافي للنهوض بالمبدعين والحرفيين سواء من الناحية المادية أو من ناحية التكوين والسعي لإبرازهم في التظاهرات الدولية إذ أن هناك من جيراننا في دول اخرى لايملكون ما تملكه الجزائر لكن فنهم رائج في الساحة الدولية، يكفي أن بعض الدول كبريطانيا وفرنساوالولاياتالمتحدة ترسل وفودا إلى معارضنا للاطلاع على الجديد واقتنائه، كما أن الجمهور عندنا متلهف لهذا الفن وهنا تقول »شاركت اليوم في حصة صباحيات على المباشر من التلفزة الوطنية، ولم تكف الاتصالات الهاتفية للحديث معي وطلب المساعدة في مجال التكوين«. للإشارة تضمن المعرض جناحا خاصا باللوحات التشكيلية التي وقعتها مجموعة من طلبة المدرسة العليا للفنون الجميلة منهم بختي زهير في لوحاته التي تصور جمال القصبة والمرأة العاصمية ب»الحايك«، إضافة إلى فنانين آخرين منهم فارس المولع بالسواحل البحرية العربية للعاصمة وبالبيوت التقليدية الممتدة حتى الشاطئ وكذا الفنانة فايزة التي رصدت صورة العاصمية في بورتريهات، خاصة بورتريه المرأة بالحايك ذات العينين الجميلتين والحلي الأصيلة والعجار المطرز أمامها باقات الورد والياسمين. لوحتان كبيرتان تبرزان تقاليد المرأة العاصمية أو بنت القصبة وتتبع حركتها في أزقة القصبة أو نساء يلقين بنظرهن من الابواب بلباسهن التقليدي للحديث والسمر. نفس الموضوع يتكرر مع الفنانة فاطمة قاسي كريم التي اختارت الخط الغربي في أشكال هندسة شبيهة للعمارة الاسلامية أحيانا باستعمال ألوان يطغى عليها الاخضر وأحيانا باللونين الذهبي والفضي على شكل حبيبات تشبه حبيبات الرمل. لوحات أخرى كثيرة منها المنمنمات التي تجسد بعض الرموز التاريخية كالمساجد العتيقة وشخصية الامير عبد القادر وغيرها، والملاحظ أن أغلب ما تم عرضه من لوحات هو من المدرسة الواقعية الكلاسيكية.