تختتم مساء اليوم بمركز الفنون والثقافة بقصر »رياس البحر«، فعاليات معرض »أحباب الفن« التشكيلي، الذي وقعته 8 رسامات من مدارس فنية مختلفة عرضن فيه المراتب العالية التي بلغتها ريشة الأنثى بالجزائر. في حديثه ل''المساء''، أشار السيد يوسف بوعاسل المكلف بالإعلام على مستوى مركز الفنون والثقافة بقصر الرياس، ان التظاهرة التي انطلقت في 20 ديسمبر الماضي، من توقيع جمعية أحباب الفنانة فضيلة الدزيرية، وتضم فنانات متمكنات أغلبهن أستاذات في فن الرسم، وسبق لهن أن عرضن ولاقين قبولا واسعا من طرف الجمهور. ضم المعرض عدة تخصصات منها الرسم التشكيلي (مائي، زيتي)، المنمنمات، الخط العربي والنقش على الزجاج وغيرها. تشترك أعمال المعرض في اللمسة الأنثوية الواضحة سواء من حيث الأسلوب أو المواضيع المتناولة، وتقدم اللوحات المعروضة نفسها بنفسها محاولة إيصال بصمتها الأنثوية الخاصة للجمهور، حريصة من خلال ألوانها الحية والزاهية على خلق روح التفاؤل، التي تتخذ منها المرأة غالبا الدعم المعنوي لاستمرارها في الحياة بشجاعة أكثر وإبداع اكبر يظهر في كل ما تقدمه في حياتها اليومية البسيطة. من الحاضرات بقوة في هذا المعرض الفنانة فراح لادي المتشبعة بتراث القصبة والحريصة دوما على الضوء لإبراز تاريخ يرفض الزوال، تبدو لوحاتها ضاحكة ترسم الأمل والفرح تماما كاسمها، ترسم بروح التجديد وتبحث عن آفاق جديدة أجمل وأعمق وتبحر في اللامتناهي ابتغاء الوصول الى أقصى شواطئ الإبداع والرقي، وتحرص أيضا على إعطاء انطباعها مرسوما على لوحتها التي قلما تضيع في زخم المعارض، فلوحاتها متميزة بزخم الحياة وسريانها وعنفوانها الممتد الى عالم الضوء والزهر الفواح، برزت فراح في هذا المعرض بأسلوب المنمنمات المتميزة بلمستها الأنثوية، ففي بعض اللوحات حرصت على أن تقدم المنمنمات في طابع جزائري كلاسيكي تماما كما كان يرسمها عمر راسم يغلب عليها أكثر اللون الأزرق، أما في لوحات أخرى فتغلب الألوان الأنثوية كالمرجاني والوردي والبرتقالي الفاتح قدمت فيها فراح بعض الرموز البربرية المرتبطة بالمرأة منها »الخامسة« و»يد فاطمة«. برزت الفنانة أيضا في النقش على الزجاج بأسلوب بارع (تقتنيه الذهاب والإياب بوجه وخلف الزجاج)، جعلت بعض الزهور تبدو طائرة في الجو وذات خلفية تتضمن كلمات متقطعة بخط عربي ساحر كأنه لوحة في حد ذاته. الفنانة حاج صدوق برعت بدورها في أسلوب التجريدي والتكعيبي مع التزامها الذي يكاد يكون دائما باللونين الأخضر والأصفر، كما تبدو مواضيع لوحاتها مطروحة بشكل أفقي وكأنها من الكتابات التاريخية الغابرة، فأشكالها الهندسية تبدو متسلسلة في الخطوط والأشكال الهندسية، لكنها أيضا تشع ضوءا، خاصة باختيارها للأصفر. عكس ذلك تظهر حاج صدوق في لوحات أخرى أقل تفاؤلا وإضاءة كلوحة »الطبيعة الميتة« التي رسمت فيها الكثير من الفاكهة تبدو شاحبة نتيجة الضوء الباهت المسلط عليها، باعتبار أن الفاكهة البعيدة عن الطبيعة والحقول والأغصان مجرد جزء من الطبيعة الميتة. على خلاف ذلك، جعلت الفنانة الوناس نعيمة، الحلي كمادة ميتة تشع حياة ولمعانا، تحكي الجمال والتاريخ والأصالة، ظاهرة في أجمل صورة على الرغم من غياب المرأة عنها. الحلي الفضية تبدو في اللوحات لماعة اكثر من الذهب، مسلط عليها الضوء القوي والألوان المتعددة المنبعثة من قوس قزح. نفس الرؤية تبينها بلحسن زهرة مع الأواني النحاسية التقليدية وكأنها قطعة مهربة من ذاكرة التاريخ وضعت في أجمل لوحة. الفنانة عبلة رثاب اهتمت بالخط العربي الموحي بقيم إسلامية راقية، مستعينة بأثر الحديث والقرآن وغيرهما، كما أنها لم تلتزم بمقاييس هذا الفن الكلاسيكية لتطلق العنان لخيالها المبدع كأن تظهر الحروف كأطياف أو كواكب تسبح في فضاء متنوع الأطياف والألوان والأبعاد. كما التفتت الفنانة الى التراث المعماري الجزائري وتحط ببعض مواقعه كقصور غرداية مثلا، جاعلة منه تحفا فنية مزينة بالأبيض الناصع كدليل على ضرورة الاهتمام بهذا الكنز الثقافي الوطني. المعرض ذو النكهة الأنثوية، وقع حضوره القوي بفضل إبداعات الأنامل النسوية التي صنعت لها اسما في الساحة التشكيلية الجزائرية.