ضاق الشارع المغربي ذرعا من وعود حكومية بقيت مجرد حبر على الورق وفي وقت زادت فيه متاعبه في الحصول على قوت يومه بعد أن اشتدت الأزمة الاقتصادية بدولة لم تتمكن من بعث الروح في اقتصاد هش زادته تبعات الأزمة العالمية تدهورا وانسدادا في الأفق. وفي محاولة لكسر هذا الواقع وإسماع صوتهم بنفاد صبرهم خرج آلاف المغربيين أمس إلى شوارع مدينة الدارالبيضاء العاصمة الاقتصادية للبلاد في مظاهرات ضخمة للتعبير عن سخطهم لما آلت إليه أوضاعهم المعيشية التي زادها سوءا تفشي ظاهرة البطالة بشكل غير مسبوق بالإضافة إلى حالة جفاف ألقت بضلالها على اقتصاد يعتمد بشكل كبير على قطاعه الفلاحي الذي يمتص عادة آلاف طلبات العمل. وسار أكثر من 50 ألف متظاهر في كبريات شوارع العاصمة الاقتصادية المغربية رافعين شعارات منددة بسياسة التشغيل الحكومية وافتقارها لإستراتجية واضحة في هذا المجال. وكان شخص بنكيران اول المستهدفين في هذه المسيرة الاحتجاجية الأولى التي يواجهها منذ توليه مقاليد الحكومة شهر جانفي الماضي والتي ستكون اول امتحان لأول حكومة إسلامية في المغرب. وقالت مصادر مغربية أن المسيرة فاجأت الجميع بسبب عدد المشاركين فيها كونها اول مظاهرة بهذا الحجم تنظم ضد حكومة عبد الإله بنكيران التي أغدقت في تقديم وعودها الوردية التي رفعها حزب العدالة والتمنية ولكنها وجدت نفسها أشهرا بعد توليها مهامها عاجزة على الإيفاء بها وكانت مظاهرات أمس بمثابة القطرة التي أفاضت كأس السخط لدى شرائح واسعة داخل المجتمع المغربي التي لم تعد تطيق درجة الحيف الذي طالها. ويكون المغربيون قد منحوا مهلة اختبار بستة أشهر لحكومة الإسلامي بنكيران ولكنهم اقتنعوا أن تلك الوعود التي سوقها في حملته الانتخابية لم تكن إلا ذرا للرماد ومجرد طريقة للحصول على أوراقهم الانتخابية. وقد استغلت اكبر نقابتين في المغرب الوضعية الحرجة للطبقة العمالية المغربية لتخرج إلى الشارع بعد أن رفضت الحكومة الإسلامية الدخول معهما في مفاوضات مباشرة لبحث تداعيات استفحال ظاهرة البطالة وتفادي حدوث انفجار اجتماعي واسع من خلال تحسين الأجور والظروف الاجتماعية للعمال. يذكر أن العمالة المغربية ما انفكت تزداد من يوم لآخر دون أن تجد لها في المقابل مناصب شغل إلى درجة جعلت البنك العالمي يؤكد في آخر تقرير له ارتفاع نسبة البطالة بين شريحة الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 15 و29 عاما إلى 30 بالمائة أو ما يعادل 11 مليون عاطل عن العمل من إجمالي عدد سكان قارب 35 مليون نسمة. والمفارقة أن الحكومة الإسلامية المغربية وجدت نفسها أمام عقبات اقتصادية واجتماعية يستحيل عليها تسويتها بعد أن تراجعت نسبة النمو الاقتصادي متأثرة بالأزمة العالمية أضيفت إليها أزمة جفاف حادة ضربت المحاصيل الزراعية المغربية التي تشكل اكبر مصدر للعائدات بالعملة الصعبة وفي وقت تراجع فيه تدفق السياح الأجانب بسبب مخاوف من عمليات إرهابية تستهدفهم بعد حادثة مقهى لارغانا بمدينة مراكش في ساحة مسجد الفنا الذي خلف مصرع سبعة سياح أجانب.