أكد محافظ بنك الجزائر، السيد محمد لكصاسي، أن الجزائر تركز على التسيير المالي المرن في التبادلات الخارجية وتتحكم في الاستقرار المالي الخارجي بفضل السياسة النقدية الحكيمة المنتهجة، مبرزا وظيفة البنوك المركزية التي تضطلع بالمحافظة على الاستقرار الاقتصادي ومحاربة التضخم المستورد والتضخم الداخلي، الذي ينجر عن زيادة الطلب مقابل استقرار العرض وهذا ما تسعى الجزائر إلى التصدي له بقوة، مشيرا -في هذا السياق- إلى ارتفاع مؤشر الانتعاش الاقتصادي الوطني خلال السنتين الأخيرتين بسبب تنامي الأزمة المالية العالمية، إذ تم تسديد 90 بالمائة من ديون الجزائر قبل ظهورها. وأوضح لكصاسي خلال أشغال المنتدى ال 36 لمحافظي البنوك المركزية الإفريقية التي تمحورت حول التحديات التي تواجهها هذه البنوك أمام تقلبات حركة رؤوس الأموال وأسعار المواد الأولية أن الاستثمارات الداخلية بالنسبة للجزائر مثلما هو بالنسبة للدول الإفريقية لم تعرف تراجعا كبيرا، بل هي مستمرة والدليل هو انتعاش النمو الاقتصادي خلال سنتي 2010 و2011، معتبرا -بالمناسبة- أن التحدي الكبير الذي تواجهه البنوك المركزية في إفريقيا يتمثل في التضخم المستورد والداخلي. كما أكد محافظ بنك الجزائر أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الجزائر هي الأخرى لم تتأثر بمخلفات الأزمة المالية، موضحا -من جهة أخرى- أن التهاب الأسعار الذي عرفته بعض المواد والممتلكات لا يرجع إلى الأزمة المالية الدولية وإنما سببه المضاربة. كما أكد السيد لكصاسي أن تسارع وتيرة التضخم خلال السداسي الأول من سنة 2012 راجع أساسا إلى عوامل داخلية، لاسيما اختلال الأسواق والمواقع المهيمنة والمضاربة وليس توسع الكتلة النقدية، مضيفا أن "ظاهرة التضخم خلال السداسي الأول من سنة 2012 ذات طبيعة داخلية متعلقة بالاختلالات المستمرة لأسواق السلع التي تتوقف تشكيلة أسعارها على المواقع المهيمنة والمضاربة". وعلى عكس سنة 2011، حيث كان التضخم راجعا أساسا إلى توسع الكتلة النقدية، أوضح السيد لكصاسي أمام محافظي البنوك المركزية الإفريقية الحاضرين في هذا اللقاء أن ارتفاع الأسعار سنة 2012 نتيجة عوامل داخلية. وأوضح محافظ بنك الجزائر أن التضخم ارتفع رغم تراجع التوسع النقدي خلال السداسي الأول من سنة 2012 إلى 17.88 بالمائة مقابل 19.91 بالمائة في ديسمبر 2011. من جهة أخرى، دعا جودي خلال تدخله أمام المشاركين في أشغال المنتدى البلدان الإفريقية إلى التنسيق فيما بينها والعمل على تحديد مخلفات الأزمة المالية الدولية واعتماد سياسات ناجعة تسمح بالتأقلم مع الوضع وبالتالي التخفيف من آثار انعكاسات الأزمة، لاسيما وأن هذه البلدان تعرف حركة قوية لرؤوس الأموال والمواد الأولية والثروات. ويحضر هذا المنتدى الذي يتواصل اليوم بفندق الهلتون بالعاصمة، أزيد من 30 محافظ بنك إفريقي لدراسة التحديات الكبرى التي توجه هذه البنوك والخروج بقرارات جهوية من شأنها التقليص من التضخم ومواجهة التحديات الأخرى التي تؤثر بشكل سلبي على اقتصاديات البلدان الإفريقية.