طالب الأمين العام الأممي بان كي مون، أمس، كل الأطراف في سوريا بضرورة وقف العنف الذي حصد في ظرف 17 شهرا أرواح ما لا يقل عن 25 ألف سوري، إضافة لمئات الآلاف من اللاجئين إلى البلدان المجاورة. وجاءت تصريحات الأمين العام الأممي خلال لقائه مع رئيس الوزراء السوري وائل الحلقي على هامش أشغال القمة ال 16 لحركة عدم الانحياز المنعقدة بالعاصمة الإيرانية طهران والتي تصدرت الأزمة السورية جدول أعمالها. وقال مون إنه طالب ب«وقف كل أشكال العنف في سوريا...وأن المسؤولية الكبرى في ذلك تقع على عاتق الحكومة السورية التي ينبغي أن تتوقف عن استخدام الأسلحة الثقيلة"، وأضاف أنه شدد على الحلقي "ضرورة أن تتوقف كل أطراف النزاع عن استخدام العنف". ولم يكتف بان كي مون بدعوة الأطراف السورية إلى وقف العنف، بل أكد على ضرورة أن تتوقف الأطراف الخارجية عن تزويد الفرقاء السوريين بالأسلحة في أزمة تزداد تعقيدا مع مرور كل يوم. وتأتي دعوة الأمين العام الأممي في الوقت الذي يستمر فيه القتال في مختلف المدن السورية، خاصة العاصمة دمشق وضواحيها وحلب ثاني كبرى المدن السورية. في هذا السياق، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان الموجود مقره بالعاصمة البريطانية أن مقاتلي المعارضة هاجموا فجر الجمعة مقرا تابعا للأمن السوري يقع غرب مدينة حلب بينما تواصل القتال في أحياء المدينة وكذلك في ريف دمشق، كما اندلعت اشتباكات بين الطرفين في حيي سيف الدولة وصلاح الدين جنوب غربي حلب وفي حي حنانو الشمالي. ومع تصاعد ضراوة القتال، نبه الصليب الأحمر الدولي إلى أن الوضع الإنساني في معظم مناطق سوريا يتفاقم سوءا بشكل لا يمكن التغلب عليه، وقال هشام حسن المتحدث باسم الصليب الأحمر إن "ظروف المدنيين السوريين المعيشية تتدهور تدهورا دراميا مع مصرع العشرات منهم يوميا في القتال بين الجيش النظامي والمعارضة المسلحة". ورغم ضراوة القتال فإن عدة مناطق في البلاد من بينها العاصمة دمشق شهدت أمس مظاهرات تطالب برحيل الرئيس السوري بشار الأسد، ونظمت هذه المظاهرات تحت شعار "داريا شعلة لن تنطفئ" في إشارة إلى المجزرة الأخيرة التي راح ضحيتها ما لا يقل عن 200 شخص من بينهم نساء وأطفال بهذه المنطقة وتقاذف كل من النظام والمعارضة المسؤولية عنها. بالتزامن مع ذلك، جدد وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو خلال الجلسة التي عقدها مجلس الأمن الدولي الخميس الأخير على مستوى الوزراء لمناقشة الوضع الإنساني للاجئين السوريين مطلب أنقرة في خلق مناطق عازلة بسوريا لتأمين الحماية لآلاف الأشخاص الفارين من القتال في هذا البلد. وقال داود أوغلو إن بلاده لم تعد قادرة على استيعاب تدفق أمواج اللاجئين الذين يعبرون الحدود السورية إلى أراضيها كل يوم وهي التي تستقبل إلى غاية الآن حوالي 80 ألف لاجئ. وجدد رئيس الدبلوماسية التركية هذا المطلب رغم أن نظيره الفرنسي لوران فابيوس أقر بصعوبة إقامة مثل هذه المناطق العازلة التي تطالب بها تركيا والمعارضة السورية على السواء وقال إن ذلك يتطلب أولا فرض حظر جوي لا يمكن إقامته إلا عبر تفويض من قبل مجلس الأمن الدولي، وهو الموقف نفسه الذي عبر عنه وزير الخارجية البريطاني وليان هيغ، الذي تحدث بدوره عن صعوبة توحيد مواقف أعضاء المجلس بخصوص مسألة خلق المناطق العازلة. ولا يزال مجلس الأمن الدولي يقف عاجزا عن التحرك تجاه احتواء الأزمة السورية بسبب الفيتو المزدوج الروسي-الصيني الرافضين لأي قرار أممي يصب ضد الرئيس السوري بشار الأسد من جهة وبسبب إصرار باقي أعضائه على التمسك بمواقفهم المبدئية من المعضلة السورية.