أوصى خبراء قانونيون وممثلو الأجهزة الأمنية وجمعيات المجتمع المدني،أمس، باتخاذ المزيد من الإجراءات الوقائية غير الردعية لمكافحة ظاهرة العنف في المناطق الحضرية التي أصبحت تهدد الحياة اليومية للمواطنين، ودق المتدخلون ناقوس الخطر قبيل استفحال هذه الظاهرة بعد ارتفاع انتشارها وسط القصر. وخلال المنتدى الذي نظمته يومية "ديكا نيوز"، أمس، بالعاصمة، حضره ممثلون عن المديرية العامة للأمن الوطني وقيادة الدرك الوطني وجمعيات محلية تعنى بالشباب، أوضح المشاركون أن العنف في المناطق الحضرية أصبح ظاهرة واقعية في البلاد انتشرت كثيرا وسط الشباب خاصة لدى القصر الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و18 سنة الذين أصبح الشارع عنوانهم الرئيسي. وفي تحليلها لهذه الظاهرة، أرجعت المحامية فاطمة الزهراء بن براهم سبب انتشار ظاهرة العنف داخل المدن إلى عدة عوامل أهمها النزوح الريفي بسبب غياب التنمية والشغل في القرى والمداشر، وكذا تفشي البطالة والمخدرات التي أدت إلى استفحال السرقة وجرائم القتل وسط الشباب. وحسب بن براهم فإن التسرب المدرسي والتفكك الأسري الذي يعرف ارتفاعا من سنة لأخرى يعد من بين أهم العوامل التي تساعد الشباب على العنف بسبب عدم وجود الرقيب عليهم، محذرة من خطر العصابات التي أصبحت تتشكل فيما يسمى ب«العصابات داخل الأحياء" وتعتدي على المواطنين بالسيوف. وقالت المحامية بن براهم أن أروقة المحاكم تعج بالقضايا التي يتسبب فيها الشباب القصر من الجنسين وأن أهم القضايا التي اتهموا بها تتمثل في السب والشتم والجرح والقتل العمدي وتكوين عصابة أشرار بالإضافة إلى حيازة واستهلاك المخدرات. كما دعت بن براهم إلى سن قانون يجرم الزنى للبالغين واستخدام المرأة للعمل في مجال الدعارة، لحمايتها من كل أشكال العنف والابتزازات التي تتعرض لها، مؤكدة على وجود عائلات تجبر بناتها على ممارسة هذا الفعل. من جهته، دعا المقدم بالكبير ممثل قيادة الدرك الوطني الجمعيات المحلية الخاصة بالشباب إلى تكثيف نشاطاتها داخل المدن والاستماع أكثر إلى الشباب الذين يعانون من مشاكل اجتماعية ومعالجتهم نفسيا. وعرض المقدم بالكبير تجربة مصالحه في القضاء على ظاهرة العنف في المناطق الحضرية، حيث أكد أن قيادة الدرك الوطني وضعت على المستوى الوطني فصائل الأمن والتدخل، مهامها القيام بنشاطات أمنية دائمة ومستمرة في المناطق التي تكثر فيها الأعمال الإجرامية وأعمال العنف من أجل الحفاظ على الأمن العمومي، مؤكدا أن الحضور الدائم لهذه الفصائل يشكل أثرا ردعيا. أما عميد الشرطة الأول السيد علالو مراد ممثل المديرية العامة للأمن الوطني فقد أكد أن الشرطة تقوم بمجهودات جبارة من أجل مكافحة هذه الظاهرة رفقة الجمعيات المحلية، مضيفا أن إنشاء خلية للاستماع داخل محافظات الشرطة سمح بالوقوف على مشاكل التي يتخبط فيها هؤلاء الشباب.وكشف المتحدث أن حصيلة القضايا التي سجلتها الشرطة للسداسي الأول من السنة الجارية على المستوى الوطني بلغت 35500 قضية تتعلق بالمساس بالأشخاص أهمها الجرح والقتل العمدي وتشكيل مجموعة أشرار واستهلاك وحيازة المخدرات و26580 قضية تتعلق بالمساس بالممتلكات منها السرقة بجميع أنواعها، موضحا أن فئة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و18 سنة تتصدر هذه القضايا الإجرامية. من جهة أخرى، ثمن السيد عبد الكريم عبيدات رئيس المنظمة الوطنية لجمعيات رعاية الشباب دور المديرية العامة للأمن الوطني ومساهمتها الفعالة في مكافحة ظاهرة العنف في المناطق الحضرية خاصة مساهتمها في تجربة "بسيكو بيس" أي الحافلات المتنقلة والتي ضمت عددا من الأطباء النفسانيين وجابت مختلف الأحياء في محاولة للتقرب من الشباب وحثهم على التوقف عن تعاطي المخدرات وتوجيههم إلى مركز العلاج النفسي بالمحمدية. وكشف المتحدث، بالمناسبة، عن فتح مركز للعلاج النفسي والترفيه السنة القادمة بعدما وافقت وزارة الفلاحة والتنمية الريفية، أول أمس، على وضع مساحة بغابة بوشاوي 2 تحت تصرف الجمعية من أجل إنشاء هذا المركز.