وهو رقم خطير وجب دق ناقوس الخطر بشأنه، وأن أزيد من 85 بالمائة من المخدرات الأكثر استعمالا كانت "الزطلة" وأكثر الطرق المستعملة لتناولها كانت عن طريق التدخين بالوصل• كما أوضحت الدراسة ذاتها أن أغلب إجابات التلاميذ عن الاستمارات كشفت غرباء عن الوسط المدرسي يساعدون التلاميذ على إدخالها إلى الوسط المدرسي، كما أن 90 بالمائة منهم يرون المدمنين على أنهم ضحايا، ويحملون المجتمع والأولياء المسؤولية• بات من المؤكد أن الجزائر لم تعد منطقة عبور لترويج المخدرات كما كانت في السابق، وإنما أصبحت مستهدفة كمنطقة استهلاك تتوسع شيئا فشيئا، هذا ما تبينه الكميات الكبيرة من المخدرات المحجوزة من طرف مختلف أجهزة الأمن، يأتي على رأسها القنب الهندي، المخدر الأكثر استهلاكا في الجزائر، إلى جانب المنتجات الصيدلانية التي يستغلها البعض كمخدر في حال استحالة الحصول على المخدرات "الأصلية"• وإذا أخذنا كمؤشر كمية المخدرات المحجوزة سنويا والتي تقدر بالأطنان، وزيادة عدد المتورطين في قضاياها، إضافة إلى بروز استهلاك المخدرات كعامل أساسي في تفسير الكثير من مظاهر العنف، بما فيها الجرائم والإرهاب، فإن الظاهرة بلغت مستويات خطيرة في السنوات الأخيرة، وأصبحت تهدد بنية المجتمع، خاصة بعد تداول مصادر إعلامية أن عناصر المجموعات الإرهابية والعصابات المنظمة تكون تحت تأثير المخدرات أثناء القيام بأفعالها• واتسعت دائرة احتكاك الشباب الأقل من سن 18 سنة بالظاهرة فيما يتعلق بالاتجار فيها والترويج لها، يبرز ذلك من خلال تورط فئة الأطفال والمراهقين مع عصابات التهريب على مستوى المناطق الحدودية، خاصة الغربية التي تستغلهم بغية مراوغة الجهات الأمنية• وبالنسبة لإحصائيات 2008 المقدمة من طرف جهاز الدرك الوطني والخاصة بعدد القصر الموقوفين بتهم حيازة وترويج وتعاطي المخدرات، فقد بلغوا 128 قاصر من بين 4660 موقوف• والجدير بالذكر أن الأرقام المعلن عنها رسميا عن تطور القضايا المرفوعة في المحاكم والتوقيفات التي طالت مروجي ومستهلكي المخدرات لا تعكس بالضرورة الوضع الحقيقي لاستفحال الإدمان وولوج القصر في شبكات الاتجار وتهريب المخدرات• فقد تمكنت قوات الدرك الوطني العام الماضي من استرجاع أزيد من 17 طنا من الكيف المعالج، كان أصحابها بصدد ترويجها بين الشباب، كما يشير هذا الرقم إلى استفحال قوي للظاهرة• عوامل متشابكة تصنع تورط القصر في المخدرات أصبح الإدمان مشكلة صحة عمومية، انعكست على جميع الأصعدة، لاسيما الاجتماعية والاقتصادية، وتكمن عوامل الخطر في هيكلة السكان، خاصة إذا علمنا أن أزيد من 65 بالمائة من الجزائريين تقل أعمارهم عن 30 سنة، من بين 35•6 مليون نسمة، حسب إحصائيات أفريل 2008• ويرجع المختصون في علم الاجتماع سبب استفحال الظاهرة إلى العوامل الاقتصادية والاجتماعية وحالة الركود الاقتصادي والبطالة، إلى جانب التسرب المدرسي• ويبرز السيد ناصر جابي، مختص في علم الاجتماع، تأثير العنف والإرهاب على الاستقرار والتوازن الاجتماعي وعلى التوازن السيكولوجي للأفراد، حيث أن العشرية الأخيرة التي مر بها أطفال التسعينيات هم الآن يمثلون مراهقي وشباب هذا الجيل، أثرت بشكل أو بآخر على التصرفات السلوكية والانحراف والولوج في دهاليز الإجرام• من جهتها، رجحت الأخصائية النفسية بخلية الأحداث للشرطة القضائية لأمن ولاية الجزائر، فاتن بوقراية، أن استفحال الظاهرة يعود إلى هشاشة الروابط العائلية بين الأبناء والأولياء، خصوصا تهاون وتقصير الآباء والأمهات في أداء واجباتهم، التي تصل إلى درجة الإهمال والهروب من المسؤولية أمام نقص المعالم وإضافة التدفق المتواصل للصور المغرية والأفكار الآتية من وراء البحر التي يتعرض لها المراهق، حسبما أفادت به الأخصائية النفسية فاتن بوقراية، خصوصا تذبذب تكوين شخصيته خلال فترة المراهقة، التي تعتبر فترة حساسة وصعبة في حياة الإنسان•