شهدت عواصم مختلف البلدان العربية والإسلامية، أمس، المصادف ليوم الجمعة مظاهرات غضب عارمة شارك فيها مئات الآلاف من المحتجين على الفيلم المسيء للرسول الكريم الذي بدأ عرضه بالتزامن مع ذكرى هجمات ال 11 سبتمبر. فمن كابول مرورا بإسلام أباد وصولا إلى القاهرة وعمان وبغداد والكويت وتونس والخرطوم والرباط ونيروبي لم يتأخر مئات الآلاف من المحتجين الغاضبين في الخروج في مظاهرات حاشدة باتجاه مقار السفارات الأمريكية تلبية لدعوات أحزاب وجماعات إسلامية أبدت رفضها القاطع لكل من تسول له نفسه المساس بشخص رسول الإسلام -صلى الله عليه وسلم-. وواصل المتظاهرون في مختلف هذه العواصم وغيرها من المدن العربية والإسلامية مهاجمة مقار السفارات الأمريكية وقنصلياتها وحتى سفارات غربية أخرى برشقها بالحجارة أو إضرام النار بمحيطها وتسلق جدرانها لاستبدال العلم الأمريكي بالرايات الإسلامية، واضطرت قوات الأمن في كل هذه الدول إلى استخدام الغازات المسيلة للدموع في محاولة لتفريق المتظاهرين وهو ما تسبب في حدوث صدامات بين الجانبين أسفرت في بعض الحالات عن سقوط ضحايا. ففي القاهرة، توافد مئات المتظاهرين إلى محيط السفارة الأمريكية قرب ميدان التحرير للمشاركة في الاحتجاجات التي دعت إليها قوى سياسية ودينية احتجاجا على الفيلم المسيء للرسول (ص)، وتجددت الاشتباكات بين عناصر الأمن التي عززت وجودها في محيط السفارة وبين مجموعة من المتظاهرين الذين خرجوا من المساجد القريبة عقب صلاة الجمعة مرددين شعارات غاضبة ضد الإساءة للإسلام وكان بعضهم يرفع الأعلام السوداء. وقام المتظاهرون برشق قوات الأمن بالحجارة التي استعملت القنابل المسيلة للدموع ورشاشات المياه القوية من جهة السفارة الأمريكية التي تم تحصينها بحواجز إسمنتية وأسلاك شائكة أعلى أسوارها منعا لتسلق المتظاهرين ومحاولة اقتحام المبنى. ولم تقتصر المظاهرات في العاصمة السودانية على استهداف السفارة الأمريكية، بل أضرموا النيران بمقر السفارة الألمانية والبريطانية أيضا، وهو ما جعل وزير الخارجية الألماني غيدو ويسترويل يسارع إلى إدانة الفيلم في نفس الوقت الذي ندد فيه بمهاجمة المحتجين لمقر سفارة بلاده بالخرطوم. وقتل شخص وجرح 25 آخرون بينهم عدد كبير من العسكريين في طرابلس كبرى مدن شمال لبنان في مواجهات بين قوى الأمن الداخلي ومتظاهرين احتجاجا على الفيلم الأمريكي المسيء لخاتم الأنبياء. وحتى الأراضي الفلسطينية المحتلة من الضفة الغربية إلى قطاع غزة كانت مع موعد مع مظاهرات احتجاجية ضد هذا الفيلم. ولم يختلف مشهد الغضب في باقي العواصم العربية والإسلامية الأخرى التي تحركت حكوماتها الرسمية لتدين عرض الفيلم الذي يعد حلقة جديدة في سلسلة الأفلام الوثائقية والرسوم الكاريكاتورية الغربية المسيئة للإسلام. من جانبها، استدعت وزارة الخارجية السودانية، أمس، القائم بالأعمال الأمريكي والسفير الألماني وأبلغتهما احتجاج الخرطوم على الفيلم، وأكدت الخارجية السودانية أن “المساس بالرسول الكريم هو خط أحمر للسودان والعالم الإسلامي أجمع”. وأدان عبد اللطيف بن راشد الزياني الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي الفيلم ووصفه بالعمل المشين وغير المسؤول. نفس موقف الإدانة عبر عنه رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الذي أكد أنه عمل استفزازي وعدائي داعيا في الوقت نفسه المتظاهرين إلى عدم استخدام العنف والتحلي بقيم الإسلام وعدم الانجرار وراء الألاعيب التي يراد منها إشعال نار الفتنة.