لا يختلف اثنان اليوم في القول إن الوضع الأمني في سوريا بلغ مرحلة الخطورة القصوى، لكن لا أحد أيضا تمكن من إعطاء علاج شاف ونهائي لمأساة يدفع الشعب السوري ثمنها غاليا طيلة عام ونصف. وهي القناعة التي ميزت تدخلات كل من تداول على منبر الأممالمتحدة بمناسبة انعقاد جمعيتها العامة السنوية والذين شكلت الأزمة في سوريا حيزا كبيرا من كلماتهم والتي بقيت دون حل أو حتى بادرة حل، رغم مرور قرابة عشرين شهرا على مأزق أمني قال الأخضر الإبراهيمي، الوسيط الدولي المشترك، إنه يسير ليتحول إلى أزمة دولية حادة. وهو الواقع المر، الذي لم يجد الأمين العام الأممي بان كي مون سوى تأكيده بعبارة أشد وقعا وهي أن النزاع أصبح كارثة جهوية بسبب تدخلات عالمية مما جعله يناشد دول مجلس الأمن الدولي من أجل وضع حد لها لأنها أصبحت تهديدا خطيرا ومتناميا على السلم والأمن الدوليين مما يستدعي تدخلا عاجلا من طرف القوى الكبرى لإنهائه. وقال إن الانتهاكات المتواصلة لحقوق الإنسان سواء من طرف القوات النظامية أو من طرف الجماعات المسلحة زادت الوضع تعفنا وهو ما جعله يناشد دول مجلس الأمن ودول المنطقة مساندة جهود المبعوث الدولي المشترك في مهمته بشكل ملموس والعمل من أجل وقف تدفق الأسلحة إلى الفريقين المتحاربين. ويأتي وزير الخارجية الألماني غيدو ويستر ويل، الذي ترأس بلاده مجلس الأمن للشهر الجاري -من جهته- ليؤكد أن الوضع في سوريا خطير إلى درجة جعلته يستبق الأحداث ليصف مهمة الأخضر الإبراهيمي ب«الصعبة جدا" وهو وصف دبلوماسي حتى لا يقول إنها مستحيلة. واستحالة التوصل إلى حل لهذه الأزمة كرسها الانقسام الذي عرفته مواقف الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، التي ذهبت من النقيض إلى النقيض وحالت دون التوصل إلى صيغة توافقية من أجل إجلاس الجانبين المتحاربين في سوريا إلى طاولة حوار تنتهي بإصلاحات سياسية جذرية تمهد لبناء نظام جديد على أسس أكثر ديمقراطية. وهي المواقف التي ستبرز بمناسبة انعقاد الجمعية العامة الأممية والتي ستعمل كل دولة على تمرير مقاربتها والدفاع عنها بين واحدة تريد الإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد حتى وإن كان ذلك بالقوة كما تطالب بذلك الولاياتالمتحدة وفرنسا. لكنه خيار رفضه الرئيس المصري محمد مرسي، الذي أكد أن بلاده ترفض أي تدخل عسكري أجنبي في سوريا، مشددا -في المقابل- على "حتمية رحيل الرئيس الأسد، الذي لم يعد له أي خيار آخر، تلبية لرغبة الشعب السوري وأنه لم يعد له حق في البقاء في السلطة في دمشق مهما كانت مبررات ذلك". وبين هذين الموقفين، برز موقف ترعاه روسيا والصين اللتان تريدان العمل وفق خطة عمل مرحلية يكون فيها الحوار نقطة التقاء يجب على الفرقاء الاتفاق عليها قبل البحث عن مخرج مشرف للجميع وإنهاء المأساة السورية.