أتلفت مصالح الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة أول أمس بالجزائر العاصمة، 1.3 مليون وحدة من الدعائم السمعية والسمعية البصرية المقلدة عن طريق القرصنة، بحضور مجموعة كبيرة من الأسماء الفنية الكبيرة التي تداولت على عملية رمزية في كسر بعض الأقراص المضغوطة، تعبيرا عن رفضها للجرائم التي طالت إبداعاتها وذهبت إثرها حقوقها. وكانت وزيرة الثقافة السيدة خليدة تومي، أول من قام بسحق قرص مضغوط مقلد، وفي كلمة ألقتها بالمناسبة، كشفت أن دائرتها الوزارية كلفت الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، بوضع تصور متكامل لطبيعة وأنماط العمل التحسيسي الذي يجب القيام على نحو يضمن ديمومته وفعاليتها، مؤكدة أن الحكومة على يقين بأن النتائج المحصل عليها إلى حد الآن في مجال محاربة القرصنة، ستتوطد وتتدعم أكثر فأكثر بالموازاة مع المجهودات المبذولة حاليا للقضاء على الأسواق العشوائية والتي تشكل المصدر الرئيسي لترويج وبيع المنتجات الفنية المقلدة، فضلا عن الجهود التحسيسية ضد مساوئ تقليد المصنفات الفنية. وقالت السيدة تومي، أن الجزائر حرصت على الرقي بحقوق المؤلفين وأصحاب الحقوق المجاورة من فنانين ومنتجي التسجيلات السمعية والسمعية البصرية وتمكينهم من حقوقهم الشرعية، وتوفير أقصى حماية لهم المنصوص عليها في الاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها الجزائر. وأوضحت أن الجزائر كيفت منظومتها القانونية مع مقتضيات التدابير المنصوص عليها في اتفاق جوانب الملكية الفكرية التي تمس التجارة، فبعد انضمامها سنة 2006 إلى اتفاقية روما والبدء في تنفيذها فعليا في إطار الإدارة الجماعية للحقوق المجاورة، تستعد الآن للانضمام إلى معاهدتي المنظمة العالمية للملكية الفكرية لسنة 1996، أي معاهدة ال«ويبو” بشأن حق المؤلف ومعاهدة ال«ويبو” بشأن الأداء والتسجيل الصوتي. وجددت ممثلة الحكومة، سعي الوصاية لدعم وتشجيع المؤسسات العاملة في مجال تنفيذ حماية الملكية الفكرية، الفنية والصناعية، وإيجاد آليات للعمل المشترك والمنسق فيما بين هذه المؤسسات، على نحو يمكنها من تحسين فعالية تدخلاتها ونجاعة أدائها، ويمكن من تحقيق تزايد عدد المحجوزات المقلدة وعدد المتابعات القضائية ضد المخالفين. وفي هذا الصدد، اصطفت 41 شاحنة محملة بمختلف أنواع الدعائم والمصنفات بحظيرة السيارات التابع لوزارة الثقافة، جمعتها مصالح الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة من مختلف الأسواق الموازية المتواجدة في كل القطر الوطني، وحسب المدير العام للديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، حسين سامي بن شيخ، فإن العملية هي نتاج عمل أعوان المراقبة التي تقوم بها مصالحه على مستوى 14 وكالة جهوية، بالتعاون مع مختلف أسلاك الأمن من أعوان الشرطة والدرك الوطني، بالإضافة إلى الجمارك الجزائرية. وأضاف المسؤول، أن العملية ترمي إلى تحقيق هدفين رئيسيين، يتعلق الأول بإعلام الرأي العام والصحافة، بأن الديوان موجود في الميدان يقوم بنشاطه، وهي فرصة كذلك لتقييم عمله، وبشأن الهدف الثاني تابع المدير العام فإن الجزائر اليوم تبرهن على مدى احترامها للملكية الفكرية على الصعيد العالمي، وأن هناك إرادة حقيقية لمكافحة التقليد والقرصنة، إلا أن المتحدث أكد في السياق نفسه، أن الديوان لا يمكنه أن يقضي على ظاهرة القرصنة والتكفل بمكافحة هذه الجريمة لوحده، وإنما هناك مصالح لها صلة بالموضوع على غرار وزارة التجارة ومصالح الأمن، مشيرا إلى أن الديوان يشتغل بالموازاة على العمل التحسيسي في أوساط المجتمع. وبالمناسبة كذلك، أعرب فنانون ممن اقتربت منهم “المساء” عن ارتياحهم للعملية، حيث استحسن المطرب القبائلي تاكفاريناس المبادرة وتمنى أن تقام على الأقل كل سنتين، مبرزا أن مشكل القرصنة والتقليد في الجزائر لا يتوقف على التحميل عبر الانترنت، بل حتى المنتجين لهم ضلع في المؤامرة وأكل حقوق الفنانين المشروعة، حيث أكد أن بعض المنتجين يقومون بشراء الطابع الجبائي ويتعاملون به مع متعاملي السوق الموازية بوضع الطابع على المصنفات غير المرخصة. أما الفنان حميدو، وبعد أن أكد أن المبادرة جيدة، شدد على أن تكون حملات تحسيسية في أوساط المجتمع وتوعيتهم بأن مثل هذه المصنفات هي هضم لحقوق الفنانين، إذ يرى أنها أنسب طريقة للحد من الظاهرة. وأضاف المتحدث أن العملية تعكس عرفان الدولة بقيمة الفنان. واسترسل أن الفنان اليوم لم يعد يربح من مبيعات ألبومه في ظل ظاهرة القرصنة التي عرفت أبعادا كثيرة وتطورا هائلا، وضرب مثالا لنفسه، حيث بلغت مبيعاته في ألبوم له أربعة آلاف نسخة وهو ما يقابله أجرة موسيقي واحد فقط، وهذا ما يترجم حجم الخسارة التي يقع فيها الفنان التي ينتج ألبوماته من ماله الخاص. من جهته، اعتبر الفنان بلعيد ثاقراولا، أن عملية إتلاف المصنفات المقلدة مبادرة جيدة على أن تتواصل المعركة ضد القراصنة، وللفنان أن يأخذ حقه ولو بشكل معنوي.