شرع نواب المجلس الشعبي الوطني، أمس، في مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2013، الذي اعتمدت الحكومة في وضعه على سياسة موجهة لترشيد اختيارات الميزانية مع توقع انخفاض ب668 مليار دينار في النفقات التي تم ضبطها في حدود 6879,8 مليار دينار، بينما يتوقع المشروع استقرار نسبة التضخم عند 4 بالمائة ومستوى نمو في حدود 5 بالمائة، و5,3 بالمائة خارج المحروقات. وتضمن العرض الذي قدمه وزير المالية السيد كريم جودي أمام نواب الغرفة السفلى للبرلمان، الظروف المالية والاقتصادية العالمية التي تم في سياقها وضع هذا المشروع الذي يرتكز على عدة مؤشرات مالية، أبرزها اعتماد سعر مرجعي لبرميل البترول الخام المحدد ب37 دولارا أمريكيا، و90 دولارا لسعر السوق، زيادة صادرات المحروقات بنسبة 4 بالمائة، سعر الصرف ب76 دينارا للدولار الامريكي الواحد، تراجع الواردات من السلع ب2 بالمائة، وتوقع نسبة نمو للناتج الداخلي الخام ب5 بالمائة. وعلى هذا الأساس، فقد تم ضبط نفقات الميزانية في 2013 في مستوى 6879,8 مليار دينار، بتسجيل انخفاض بنسبة 11,2 بالمائة مقارنة بسنة 2012، وذلك يعود للتراجع المسجل في نفقات التجهيز ب9,8 بالمائة وتراجع نفقات التسيير ب12 بالمائة. وحسب مشروع القانون فإنه خارج التخفيض المرتبط بالأثر المالي لمخلفات الأجور بالنسبة للأنظمة التعويضية الجديدة والمناسبات الاستثنائية والتي تقدر في مجملها ب1735,1 مليار دينار، ترفع ميزانية التسيير بنسبة 3,1 بالمائة لتصل إلى 4335,6 مليار دينار مقارنة بقانون المالية التكميلي لسنة 2012، فيما تنخفض ميزانية التجهيز ب9,8 بالمائة، لتبلغ 2544,2 مليار دينار موجهة أساسا للتكفل بالبرنامج قيد الانجاز وبعض الاستثمارات التكميلية، وستقدر مجمل تراخيص البرامج لسنة 2013 ب2240,2 مليار دينار مقابل 2849,9 مليار دينار في قانون المالية التكميلي 2012، مع توقع بلوغ مستوى تنفيذ البرنامج الخماسي للتنمية 2010-2014 خلال العام القادم 92 بالمائة. وخصصت ميزانية الدولة 554,7 مليار دينار لإعادة تقييم هذا البرنامج وتغطية المصاريف المالية للعمليات المسجلة في هذا الإطار منها 96,6 مليار دينار كإعادة ترخيص لبرنامج طريق الهضاب العليا و27,8 مليار دينار لمتابعة أشغال تهيئة وادي الحراش. وتنقسم اعتمادات الدفع لسنة 2013 بين الاستثمارات التي خصص لها 1812 مليار دينار وعمليات رأس المال بمبلغ 732,2 مليار دينار، وفسر وزير المالية الانخفاض المسجل في هذه الاعتمادات مقارنة بتلك المدرجة في قانون المالية التكميلي 2012، بانخفاض المخصصات الموجهة للمنشآت الاقتصادية والإدارية والفلاحة والري كذا بالنظر إلى تسجيل تقدم كبير في تنفيذ البرنامج الخماسي. وستشهد إيرادات الميزانية وفقا لمشروع قانون المالية الجديد ارتفاعا إلى 3820 مليار دينار أي بنسبة 10 بالمائة مقارنة مع الإيرادات المتوقعة في قانون المالية التكميلي الأخير، حيث سيرتفع ناتج الجباية البترولية إلى 1615,9 مليار دينار بفعل تأثير ارتفاع حجم الصادرات وارتفاع سعر الصرف، بينما ترتفع الإيرادات الجبائية خارج المحروقات ب13 بالمائة لتصل إلى حدود 1950 مليار دينار. وفي حين يتوقع أن يقدر الرصيد الإجمالي للخزينة ب2889,6 مليار دينار، يرتقب أن يصل تمويل العجز إلى 1700 مليار دينار بما يعادل تغطية كاملة بسعر 75 دولارا لبرميل الخام. وفضلا عن المؤشرات المالية المتوقعة في مشروع قانون المالية لسنة 2013، يقترح هذا الأخير عدة تدابير تشريعية تصب في مجملها في اتجاه تحقيق مختلف الأهداف ذات الطابع المالي الاقتصادي والاجتماعي، على غرار تخفيض الضغط الجبائي على بعض العمليات المتعلقة بالعقارات التابعة لأملاك الدولة الخاصة ومنح تسهيلات في مجال تسيير العقار السياحي، علاوة على تدابير تشجيع وترقية الاستثمار كرفع الحد المتعلق بالاستثمارات المؤهلة للاستفادة من امتيازات النظام العام الممنوحة من قبل المجلس الوطني للاستثمار من 500 مليون دينار إلى 1500 مليون دينار واستثناء الشركاء مع المؤسسات الوطنية من إلزامية إعادة استثمار حصة الأرباح الموافقة للإعفاءات أو التخفيضات الممنوحة. كما تتضمن التدابير أيضا تبسيط الإجراءات الجبائية والجمركية، محاربة الغش الضريبي، ترقية النشاطات الاقتصادية الواقعة في ولايات الجنوب من خلال تخفيض ب50 بالمائة من مبلغ الضريبة على الدخل الإجمالي، وكذا تطهير حسابات التخصيص الخاص من خلال تخفيض عددها ب6 حسابات لينتقل من 74 إلى 68 حسابا خاصا. كما يقر مشروع القانون إنشاء 52672 منصب شغل في الوظيف العمومي. وعقب دراستها للمشروع أوصت لجنة المالية والميزانية للمجلس الشعبي الوطني باتخاذ كافة التدابير لمرافقة الشباب المستثمر ومتابعته في كل مراحل مشاريعه. ودعت اللجنة في تقريرها التمهيدي الذي قرأه رئيسها عقب عرض وزير المالية للمشروع إلى خلق مشاريع استثمارية للشباب باعتماد صيغ منح المشاريع عن طريق المناولة بالنسبة للمؤسسات المحدثة واتخاذ التدابير المناسبة لمرافقتهم في كل مراحل تجسيد المشروع. وإذ أشادت بالإجراءات التحفيزية التي أقرها مشروع القانون لصالح المؤسسات، وخصوصا تلك المتعلقة بالإعفاءات الضريبية، اقترحت اللجنة في إطار إصلاح المنظومة الجبائية إرساء جباية محلية ملائمة وتحريك وتيرة النشاط المنتج بما يسمح بتوسيع الوعاء الجبائي وتعزيز مداخيل الجباية العادية، داعية في سياق متصل إلى تقوية قدرات الإنتاج الوطني لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليص الواردات من السلع ومواصلة عملية ترقية وتطوير المؤسسات الصغيرة و المتوسطة. للإشارة تتواصل أشغال مناقشة مشروع قانون المالية 2013 بالمجلس الشعبي الوطني إلى غاية مساء بعد غد الأربعاء، حيث يرتقب أن يعرض المشروع للتصويت وذلك بعد رد وزير القطاع على انشغالات النواب.