تحتضن كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية لجامعة حسيبة بن بوعلي، الشلف، الملتقى الدولي الأول حول دور الأرشيف في كتابة تاريخ الجزائر، وهذا أيام 5، 6 و7 نوفمبر الجاري، بمشاركة أساتذة من الجزائر ودول أخرى. وفي هذا السياق، جاء في بيان تلقت «المساء» نسخة منه، أن الكتابة التاريخية وثيقة الصلة بالأرشيف، على نحو يجعلها تغدو مستحيلة في ظل غيابه أو انعدامه، على شرط إعمال العقل الناقد للوثائق الأرشيفية، نظرا لما يتطلبه التعاطي معها من وجوب توافر الرؤية العلمية الثاقبة والحس التاريخي الكبير، فضلا عن الخلفية التاريخية، ومن هذا المنظور، فإن الأرشيف يسمح للمجتمعات الواعية بالتاريخ من الانتقال من مرحلة الذاكرة، فحسب، إلى مرحلة التاريخ العلمي الأكاديمي، لأنه يمنح في المقام الأول قيمة للدليل التاريخي عبر تبليغ الماضي من خلال إعادة بعث الحياة فيه. وجاء أيضا في نفس البيان، أن الذاكرة تحفظها الوثيقة المكتوبة التي تشكل المادة الخام التي يستمد المؤرخ منها الحقائق التي يبني عليها الخطاب التاريخي، لأنها الدليل المادي عليها، ومن هنا يكتسي الأرشيف مصداقيته وقيمته. وبناء على ما سبق، فليس هناك أي مجال للشك من أن المادة الأرشيفية هي أساس البحث في التاريخ، وأن عملية كتابته لا يمكن أن تتم على أحسن وجه ما لم يكن هناك أرشيف، وأن الأمة الواعية هي التي تهتم بتاريخها وتصونه وتأخذ منه الدروس والعبر لتهتدي به على درب التقدم والازدهار. وجاء أيضا في البيان أنه انطلاقا من هذه الرؤية، تواصل شعبة التاريخ بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة حسيبة بن بوعلي بالشلف، في تنظيم سلسلة ملتقيات وندوات وطنية ودولية حول تاريخ الجزائر، وتثمينا لدور الأرشيف في تدوين التاريخ بمنهجية علمية جامعية، تنظم شعبة التاريخ الملتقى الدولي الأول حول الأرشيف الموجود بالجزائر وخارجها في كتابة تاريخ الجزائر، والانتقال من منهج التأريخ التقليدي إلى منهج التاريخ العلمي الأكاديمي المؤسس. وسيتم في هذا الملتقى، تناول المحاور الآتية: الأرشيف في ظل التشريع الوطني والدولي، أهمية الأرشيف في كتابة التاريخ، أدوات نقد الوثيقة التاريخية، أرشيف تاريخ الجزائر؛ عرض، تحليل، نقد واستشراف، الأرشيف المتخصص (السياسي، الاقتصادي، الاجتماعي والثقافي)، وأخيرا مكانة الرواية الشفوية والمذكرات الشخصية في الكتابة التاريخية. وفي هذا السياق، سيثير منظمو الملتقى الذي يرأسه شرفيا رئيس الجامعة، البروفسور مصطفى بصديق، جملة من التساؤلات، مثل؛ ما هو واقع المنظومة القانونية التي تحكم مادة الأرشيف، وكيف يمكن تكييفها من أجل تسهيل عملية الاطلاع المباشر عليه من قبل المؤرخين والباحثين؟ ما طبيعة العلاقات السياسية والقانونية القائمة بين مختلف الهيئات الطبيعية لامتلاك واستغلال هذه المادة؟ كيف يمكن للمادة الأرشيفية أن تساهم في الكشف عن الوقائع التاريخية الجديدة، أو أن تغيّر رأينا بخصوص حوادث أخرى كانت تبدو لنا بديهية من قبل؟. كما سيتم أيضا إثارة تساؤلات أخرى وهي: ما هي المناهج الأكثر موضوعية التي تمكننا من المحافظة على المادة الأرشيفية واستغلالها بشكل فعال؟ ماهي الآليات الكفيلة بضبط التعاطي مع الأرشيف من أجل كتابة تاريخية علمية؟ وهل تأثرت العلاقة القائمة بين المؤرخ والأرشيف في ظل مقتضيات مجتمع المعلومات؟ كما يحمل هذا الملتقى الذي يرأسه عميد الكلية، الدكتور محمد الصالح بوقشور، جملة من الأهداف المسطرة وهي: الإسهام في تحديد ودراسة أرشيف تاريخ الجزائر علميا وأكاديميا، وحصر أماكن تواجده، وكذا فتح آفاق جديدة للباحث الأكاديمي لاستغلال الأرشيف، علاوة على ضمان تنوع الرؤى والأطروحات من خلال المادة التاريخية، وإضافة معطيات جديدة للكتابة التاريخية، مع إعطاء بعد إقليمي ودولي للدراسات التاريخية الجزائرية. بالمقابل، تتشكل اللجنة العلمية للملتقى من أسماء جزائرية وأجنبية، من بينها: مدير المركز الوطني للأرشيف؛ عبد المجيد شيخي والدكتور جامس هاوس من جامعة ليدز بريطانيا، ومدير مركز الدراسات العثمانية بجامعة اسطنبول، أحمد أك كودوز، الدكتور كريستوف كولتر من جامعة فراي ببرلين، ألمانيا، ورئيس قسم التاريخ بجامعة اسطنبول، الدكتور علي أرسلان ودكاترة من جامعات الجزائر، وهران، الشلف وغيرها.