تعانق الأدب مع المسرح، وارتديا زيا معاصرا خاطه المسرحي زياني شريف عياد، وأطلق عليه تسمية «اضطراب الكلمات»، وجاء على شكل قراءة الممثليّن سفيان عطية ومحمد صغير بن داود لمقتطفات من كتاب محمد عبو «إرث الأسطورة» بمرافقة عزف وغناء نور الدين سعودي. احتضن قصر الثقافة، نهاية الأسبوع الفارط، العدد صفر لنشاط «اضطراب الكلمات» الذي قال مصممه زياني الشريف عياد في تصريحه ل«المساء»، أنه فكر كثيرا رفقة مديرة قصر الثقافة، مهاجية شنتوف، في تصميم حلة جديدة لنشاط تقديم الأعمال الأدبية، وتزامن ذلك مع قراءته لعمل محمد عبو «إرث الأسطورة» الذي أخذه إلى أزمنة بعيدة، حيث امتزج الخيال بالتراث، فقرر أن يقدمه ولكن على طريقته الخاصة المتمثلة في قراءة ممثلين لبعض مقاطع الكتاب بأسلوب تمثيلي حي يجذب الحضور. وأضاف عياد أنه أراد أيضا بهذا النشاط تحبيب القراءة والتأكيد على قدرة الممثل في أن يكون قريبا من المواطن، من خلال ارتدائه لزي المدنية، مؤكدا في السياق نفسه إمكانية تنظيم هذا النشاط بشكل مستمر، وسيكون اختيار الأدباء سواء الجزائريين أو غيرهم، حسب ميله أي أن الإنتقاء سيكون وفق معايير ذاتية، مقدما مثالا عن اختياره للعمل الأخير لليلى عسلاوي، وكذا احتمال انتقاء عمل لدرويش وآخر لطاوس عمروش في نشاط «اضطراب الكلمات» يكون أكثر نضجا وجودة. من جهته، عبرّ الكاتب محمد عبو عن سعادته البالغة باختيار عمله كأول حلقة في سلسلة «اضطراب الكلمات»، مضيفا أنه لم يتعرف على عمله حينما جاء بهذه الحلة المسرحية، خاصة أنه لأول مرة يكتب الرواية، بعدما قدم العديد من الأعمال الأكاديمية. النشاط في حد ذاته تمثل في قراءة كل من سفيان عطية ومحمد صغير بن داود لمقتطفات من كتاب «إرث الأسطورة» بطريقة مسرحية، أي أنهما كان يقرآن بصوت مرتفع ويتوقفان بين الفينة والأخرى ويتناقشان حول فكرة أو كلمة ما، فيقتحمان أحداث العمل ويشعر الجمهور أنهما من بين شخصيات الرواية، ومن ثم يعودان إلى دورهما كقارئين، وبعدها ترتفع الوتيرة أيضا وهكذا إلى غاية نهاية النشاط. أما الموسيقي نور الدين سعودي، فعزف مقطوعات من نفس الكتاب الذي تناول فيه صاحبه، قضية مهمة في طابع خيالي تتمثل في العيش على الريع بدلا من استغلال خيرات المنطقة، وبالتحديد قرية «عين الخبزة» التي اشتهرت بوليها الصالح «سيدي فلتان» التي أصبحت تستقطب سكان المناطق المجاورة، وحتى البعيدة منها، وظلت على هذا الحال سنوات وسنوات، ولم يهتم سكانها باستغلال خيراتها والعمل من أجل العيش. واعتقد سكان «عين الخبزة» أن ذاكرتهم أو خيالهم المتمثل في استغلال شهرة سيدي فلتان، ستضمن لهم المستقبل، فتاه العقل في جنون الخيال وتحولت «عين الخبزة» إلى «عين الهربة»، حينما غادرها سكانها، بعد أن لم تعد لها قائمة، فضاع كل شيء، بالمقابل تضمنت الرواية الكثير من المعاني عن كل دولة تهتم بريعها ولا تفكر في المستقبل، وأعطى الكاتب مثالا آخر عن اهتمام «عين الخبزة» بفريقها لكرة القدم وانفاقها للكثير من الأموال عليه، رغم ضآلة النتائج، وفي الأخير حينما يجتمع مسؤولو الفريق لدراسة سبب الفشل، يتحدث المدرب عن مشكلة نقص في اللياقة البدنية، فينطق الملياردير رئيس الفريق متسائلا؛ «كم هو سعر اللياقة البدنية»؟ موضوع آخر تم التطرق إليه في الرواية، وهو نقص الوعي الثقافي، وفي هذا السياق، قال كاتب العمل محمد عبو؛ إنه استمد مقطعا في عمله من واقعة حدثت فعلا، حيث قررت فرقة مسرحية جزائرية تقديم مسرحية في ملعب رياضي بغرض التجديد في الفن الرابع، كما قامت بوضع بعض الممثلين بين الجمهور، وحينما أراد هؤلاء اللحاق بزملائهم في المنصة، قام رجال الشرطة بمنعهم لأنهم لم يكونوا على علم بهذا الأمر، وحدثت جلبة كبيرة واختلطت الأمور وتم إلغاء العرض. وفي هذا السياق، تساءل عبو عن أهمية التحديث في زمن أو في مكان غير مناسب، بينما حث زياني شريف عياد على زعزعة الأمور وبضرورة التجديد كيفما كان الأمر، كما أضاف أنه سيتم تقديم عرض جديد لمقهى السعادة بعنوان «عليلو الحراق»، وهذا بعد عرض»قوربي يا صديقي» بداية السنة القادمة.