يصل وزير خارجية تركيا، السيد داود أوغلو، الجزائر، اليوم، في زيارة تدوم يوما واحدا، ينتظر أن يجرى خلالها محادثات مع كبار المسؤولين. وتتناول هذه الزيارة التي تعد الاولى من نوعها لمسؤول تركي رفيع منذ سنوات، سبل تعزيز التعاون بين البلدين في شتى المجالات واستعراض آخر التطورات الاقليمية والدولية. وقد عرفت العلاقات الجزائرية التركية خلال السنوات الأخيرة تطورا ملحوظا بعد التوقيع على اتفاقيات تعاون في عدة مجالات، كما عززت القيم الروحية والثقافية التي تجمع الشعبين التقارب السياسي بين البلدين، مما شجع على إقامة تعاون متميز ينبئ بفآق واعدة في المستقبل. وتكرست علاقات التعاون أكثر بالزيارة التي قام بها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة الى تركيا عام 2005، اذ سمحت بتوطيد العلاقة بين البلدين على المستويين الاقتصادي والتجاري، كما أن الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء التركي السيد رجب طيب اردوغان في ماي من عام 2006 إلى الجزائر، أسفرت عن التوقيع على اتفاقية الشراكة والاخوة. وقدر حجم التبادل التجاري بين البلدين السنة الماضية بأربعة ملايير دولار، في وقت تبلغ فيه حاليا حجم الاستثمارات التركية في الجزائر بحوالي(1) مليار دولار، إذ تنشط العديد من الشركات التركية في مجال البناء بما يقارب خمسين أو ستين مؤسسة، ونذكر في هذا الصدد المشاركة القوية لتركيا في الصالون الدولي لمواد البناء والأشغال العمومية، حيث احتلت المرتبة الأولى على مستوى العارضين بحوالي 131 عارض. وحسب تقديرات عام 2010، فإن صادرات تركيا للجزائر كانت بمعدل 1.5 مليار دولار، كما بلغت صادرات الجزائر إلى تركيا حوالي 2.3 مليار دولار. أما في سنة 2011 فقد قدرت قيمة المبادلات التجارية بين البلدين بأربعة ملايير دولار، وتصنف تركيا ضمن أهم عشرة شركاء تجاريين للجزائر. ويوجد في الجزائر 200 شركة تركية وأغلب هذه الشركات تعمل في مجال الإنشاءات، إضافة إلى الري والصناعة الغذائية، حيث تنشط حوالي 150 شركة تركية بصورة منتظمة في السوق الجزائرية. كما أنه وفقا للاحصاءات التركية فإن حوالي 40.000 جزائريا يزورون كل سنة تركيا من أجل السياحة، علما أن إجراءات الحصول على التأشيرة لا تتعدى يومين أو ثلاثة أيام، وتعتبر اسطنبولوأنقرة وجهتين يقصدهما السياح الجزائريون بكثرة، حيث منحت السفارة التركية بالجزائر حوالي 75 ألف تأشيرة، كما تم اتخاذ قرار منذ أول ماي الماضي بمنح التأشيرة مباشرة في المطار بالنسبة للسياح الذين يمتلكون تأشيرة "شينغن" بشرط الذهاب مع الخطوط الجوية التركية. وتأتي زيارة اوغلو في الوقت الذي ينتظر فيه اعتماد سفير تركيا الجديد بالجزائر والذي تم اقتراحه منذ اكثر من عشرة ايام، لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين. علما أن السفير التركي السابق قد تم استدعاؤه من طرف وزارة الخارجية بعد تصريحاته الاعلامية حول الانتخابات التشريعية في العاشر ماي السابق. وكانت الدبلوماسية التركية قد اعتبرت هذا السلوك مجرد إجراء اداري، لا سيما وأن عهدة السفير التركي السابق كانت قد قاربت على الانتهاء، في حين حرصت الجزائر على استمرار العلاقات الثنائية دون تخفيض التمثيل الدبلوماسي. ولا يستبعد متتبعون أن تدعم تركيا مواقف الجزائر ومقارباتها السياسية والدبلوماسية وخاصة تلك المتعلقة بأزمة شمال مالي، إذ تنظر أنقرة بأهمية قصوى للتعاون الثنائي بين البلدين، وتمثل ازمة اللاجئين والأقليات انشغالات مشتركة يمكن لمقاربة ثنائية ان تستحدث إطارا ملائما لايجاد حلول لها. يأتي ذلك في وقت يثار فيه الحديث عن إمكانية انخراط احسان اوغلو الامين العام لمنظمة التعاون الاسلامي والمنتمي إلى الدبلوماسية التركية في مسعى دعم المواقف الجزائرية بخصوص رفض الحرب في شمال مالي وتشجيع مسار التسوية السياسية.