أكدت الجزائر وتركيا على استثنائية علاقاتهما التي تشهد تطورا ملحوظا خلال السنوات الاخيرة، مشيرتان إلى أن فرص التعاون التي يتوفر عليها البلدان بإمكانها تعميق هذا التعاون وتوطيده بالمراهنة على رفع حجم التبادلات التجارية المقدرة حاليا بأربعة مليارات دولار إلى 10 ملايير دولار في القريب العاجل، لا سيما بتطوير المجالين البحري والجوي. جاء ذلك خلال ندوة صحافية مشتركة عقدها، أمس، وزير الخارجية السيد مراد مدلسي بمعية نظيره التركي السيد أحمد داود أغلو بمقر وزارة الخارجية، حيث أكد السيد مدلسي أنه تم تسجيل ارتياح لما سجله التعاون الثنائي خلال السنوات الاخيرة وأن حجم التبادلات يدل على ذلك. وأكد الوزير استعداد الجزائر لدفع هذه العلاقات إلى المزيد من التطور كما ونوعا وتوسيعها لتشمل الميادين الاخرى، كما هو الشأن للتعاون في مجال مكافحة الارهاب والدفاع الوطني والصناعة دون استثناء الثقافة لحماية الرصيد الثقافي الجزائري - التركي. ورغم التفاؤل الذي أبداه السيد مدلسي إزاء الحوصلة الايجابية لهذا التعاون، فقد تطرق إلى العراقيل التي يشتكي منها بعض رجال الاعمال والتي تتركز على الضمانات البنكية و التأشيرة والحقوق الاجتماعية للعمال الاتراك في الجزائر، إضافة إلى التسهيلات التي يمكن أن توفرها بعض الخدمات في مجال النقل الجوي والبحري. وإذ أشار إلى أن هذه النقاط كانت ضمن المحادثات التي اجراها مع نظيره التركي، فقد أشار مدلسي إلى أنه تم الاتفاق على تأسيس فوج عمل للوزراء المكلفين بهذا المجال حتى يتسنى التفكير في مشاريع من شأنها أن تعزز التعاون في القطاعين الجوي والبحري بالنظر إلى الامكانيات التجارية الكبيرة جدا المتوفرة في البلدين. من جانبه، أكد الوزير التركي أن بلاده تعتبر الجزائر جارا لها رغم البعد الجغرافي، مضيفا أنه حان الوقت لتطوير العلاقات الثنائية المتجذرة في التاريخ المشترك. كما أشار إلى أن اقتصاد الجزائر وتركيا مكملان لبعضهما البعض "وإذا تمكنا من تجميع الطاقات الموجودة في البلدين فانه يمكننا أن نصنع الكثير". وفي هذا الصدد أشاد السيد اوغلو الذي عبر عن اهتمامه بالجزائر قبل أن يتولى منصب رئيس الدبلوماسية التركية، بالحركية الاقتصادية التي تشهدها بلادنا لا سيما بعد تصفيتها للمديونية وزيادة احتياطي صرفها، والشأن نفسه بالنسبة لتركيا التي تشهد اقتصادا متناميا أصبح بحاجة أكثر إلى الطاقة، مما يفرض التعاون مع الجزائر يقول الوزير. وأشار في هذا الصدد إلى أن الجزائر تركز على تعزيز بنيتها التحتية في المجال الاقتصادي وأن تجارب بلاده في هذا المجال قد تكون مكملة للجزائر، وأوضح أن هناك 160 شركة تركية تنشط في الجزائر بمشاريع تفوق 3.5 ملايير دولار . وإبرازا للأهمية التي توليها بلاده للجزائر، قال السيد اوغلو "نريد أن نطلق رسالة إلى العالم أن الجزائر دولة صديقة وقديمة لنا وليست لنا حدود للتعاون معها". كما أبدى أمله في تسهيل منح تأشيرة الدخول وربما إلغائها مستقبلا لتعزيز الروابط بين البلدين، قبل أن يضيف في هذا الصدد "نحن عازمون على تطوير الاتصالات السياسية على مستوى رفيع في المستقبل". من جهة أخرى، أكد وزير خارجية تركيا دعم بلاده للجزائر للانضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة، قائلا في هذا الصدد "نحن مستعدون للوقوف مع الجزائر في كل المحافل الدولية والتعاون في المجال الاقليمي "وأن "الجزائر ليست بلدا صديقا فحسب بل شريكا مهما في البحر المتوسط وإفريقيا والشرق الاوسط". وقد تناول الوزيران في محادثاتهما القضايا ذات الاهتمام المشترك وعلى رأسها القضية الفلسطينية، حيث أكد الجانبان تطابق وجهات نظرهما بهذا الخصوص والعمل على الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني بتفعيل هذا الدور خلال اجتماع الجمعية العامة للامم المتحدة المزمع عقدها يوم 29 نوفمبر الجاري، كما تطرقا إلى أزمة مالي حيث أيدت انقرة الرؤية الجزائرية فيما يتعلق بوحدة ماليالحفاظ على الثراء الثقافي لهذا البلد وتحقيق استقراره. وإذ جدد السيد مدلسي موقف الجزائر القاضي بإرساء حوار بين الماليين، فقد أشاد بدورها الفعال في إقناع المجموعة الدولية بجعل هذا الحل أساسيا، كما أكد الوزير التركي بهذا الخصوص أن بلاده مستعدة لتقديم كل ما بوسعها في هذا الموضوع. أما بخصوص الازمة السورية فقد أشار السيد مدلسي إلى أن للبلدين كل الثقة في المهمة التي اضطلع بها المبعوث الاممي الاخضر الابراهيمي من أجل الخروج بحل سياسي لهذه الازمة على ضوء احترام حق الشعب السوري وأن يكون هذا الحل بين السوريين أنفسهم. أما السيد اوغلو فقد أوضح أن تركيا كانت تقف دائما الى جانب المطالب المشروعة للشعب السوري وأن يتم الاستجابة لهذه المطالب بصفة سلمية، وتطرق الى الجهود التي قامت بها بلاده من أجل دفع الرئيس بشار الاسد للاحجام عن استعمال القوة ضد شعبه من خلال التوصيات التي خرجت بها الجامعة العربية ومنظمة الاممالمتحدة، غير أن بشار الاسد -يضيف اوغلو- لم يستمع إلى هذه النصائح والتوصيات مشيرا إلى "أنه من الصعب أن نفكر في طلب نظام يقوم بقصف شعبه بالطائرات". ومع ذلك ندعم كل المبادرات التي تنصب في إيجاد حل لهذه الازمة يقول اغلو. من جهة أخرى، قال السيد اغلو أن المنتدى العربي التركي المزمع عقده في اسطمبول شهر ديسمبر القادم والذي ستشارك فيه الجزائر سيكون فرصة للتباحث عن التطورات التي تشهدها المنطقة العربية. وكان وزير الشؤون الخارجية السيد مراد مدلسي قد عقد أمس جلسة عمل مع نظيره التركي ضمت أعضاء وفدي البلدين. وكان السيد مدلسي قد أجرى قبل ذلك محادثات على انفراد مع السيد داود أغلو. وكانت وزارة الشؤون الخارجية قد أوضحت في بيان لها أن هذه الزيارة تعكس "نوعية" العلاقة القائمة بين الجزائر وتركيا اللتين تربطهما علاقة صداقة وتعاون وحسن الجوار تم التوقيع عليها في ماي 2006. وأضاف المصدر أن العلاقات الجزائرية-التركية شهدت خلال السنوات الاخيرة تطورا "معتبرا" ليس فقط على صعيد التبادلات التجارية بل أيضا في مجال التعاون الاقتصادي مثلما تؤكده وجود العديد من الشركات التركية بالجزائر. وتسمح زيارة رئيس الدبلوماسية التركية للجزائر-حسب ذات المصدر- بالتطرق إلى "آفاق تعميق التعاون الثنائي" كما ستمكن من "تناول أهم القضايا الراهنة على الصعيدين الإقليمي والدولي" في إطار التشاور السياسي الذي أقيم بين البلدين بمناسبة زيارة العمل التي قام بها السيد مدلسي إلى أنقرة في نوفمبر 2008.