عرفت الأزمة السياسية المستفحلة في مصر تصعيدا جديدا، أمس، أضيف إلى حالة الاحتقان بين الطرفين المتصارعين أحدهما مساند للرئيس محمد مرسي وآخر معارض له بقيادة أحزاب ليبرالية وتشكيلات مدنية ثورية وشبانية. ففي الوقت الذي رفضت فيه مجموعة هامة من القضاة الإشراف على الاستفتاء المقرر تنظيمه منتصف الشهر الجاري على مشروع نص الدستور الجديد، قررت المعارضة الدعوة مجددا إلى تنظيم تجمع احتجاجي، اليوم، أمام القصر الرئاسي بقلب القاهرة وصفته بمليونية “الإنذار الأخير” للتمسك بمطالبهم الرافضة للإعلان الدستوري ومضمون مسودة الدستور. وقال أحمد الزند، رئيس نادي القضاة، إن “كل قضاة مصر اتفقوا على عدم مراقبة الاستفتاء على مشروع نص الدستور ومقاطعته”. ولم يتوقف التصعيد عند هذا الحد، بل وبعد ساعات فقط انضمت المحكمة العليا الدستورية إلى إضراب محكمة الاستئناف ومحاكم أخرى في البلاد للتنديد بما وصفوه ب “الضغط” الممارس من قبل فريق الرئيس الإسلامي على الهيئة القضائية. وازدادت حدة الاحتقان على المشهد المصري مع إعلان الرئيس مرسي عرض مسودة الدستور التي أعدتها اللجنة التأسيسية التي يهيمن عليها الإسلاميون على التصويت في استفتاء شعبي رغم رفض عدة جهات لهذه المسودة بحجة أنها لا تستجيب لكل تطلعات الشعب المصري ولا تأخذ بعين الاعتبار تنوعه. وهو ما جعل عديد العناوين الصحفية تصدر أمس بافتتاحية واحدة تضمنت رسما كاريكاتوريا مشتركا أظهر صحيفة داخل زنزانة كتب عليها “دستور يلغي الحقوق ويكبل الحرية... لا للديكتاتورية”. وقررت هذه الصحف ومن بينها الوطن والمصري واليوم الاحتجاب عن الصدور اليوم احتجاجا على ما اعتبروه انعدام الضمانات لحرية الصحافة في مسودة الدستور الجديد. وأمام حالة الانسداد، التي تنذر بمزيد من التصعيد، سارع الرئيس المصري إلى دعوة المعارضة لمناقشة كل ما يتعلق بالمرحلة الانتقالية وكيفية تأمينها في المرحلة المقبلة. من جانبه، جدد محمود مكي، نائب الرئيس المصري، التأكيد أن الإعلان الدستوري، الذي أصدره الرئيس سينتهي ويزول أثره بمجرد الاستفتاء على الدستور المقرر في ال 15 ديسمبر الجاري. ودعا القضاة إلى عدم “تعطيل مصالح الناس” وطمأن بأنه “لا توجد صلة ولا ترتيب بين الرئيس وأعضاء الجمعية التأسيسية” بشأن إخراج مشروع الدستور وتحديد موعد الاستفتاء، وقال إن “البلاد تمر بفترة حرجة وتحتاج إلى توافق من خلال الحوار الدائر بين كافة أطراف المجتمع والقوى السياسية من أجل التقدم خطوة إلى الأمام”. ويواصل المتظاهرون من قوى التيار المدني اعتصامهم بميدان التحرير وسط القاهرة لليوم العاشر علي التوالي.. فيما يتم الحشد لمسيرة اليوم نحو مقر الرئاسة للاعتصام هناك حتى سحب الإعلان الدستوري والاستفتاء على الدستور. وقد دعت العديد من القوى المعتصمة إلى التصعيد باستخدام الوسائل الديمقراطية وصولا إلى “الإضراب العام والعصيان المدني” والاعتصام أمام مقر الرئاسة وذلك إذا لم يستجب بشكل فوري لمطالب جموع الشعب في إلغاء الإعلان الدستوري وعدم طرح مشروع الدستور للاستفتاء. كما يواصل العشرات من أنصار التيار الإسلامي اعتصامهم أمام مقر المحكمة الدستورية العليا لليوم الثالث، مطالبين بحل المحكمة بحجة أنها تآمرت على حل مجلس الشعب وتحاول تعطيل مجلس الشورى واللجنة التأسيسية، حيث كان من المقرر أن تنظر، أمس، في طعنين بهذا الشأن، غير أنها أجبرت على تأجيل ذلك بسبب محاصرة المقر من قبل أنصار الرئيس.