وجهت السلطات المؤقتة في مالي نداءات عاجلة إلى فرنساوالأممالمتحدة لمساعدتها على التصدي لزحف الجماعات الإسلاموية المتطرفة نحو الجنوب وهي التي تبسط سيطرتها على مدن شمال مالي. وطالب الرئيس المالي بالوكالة ديكوندا طراوري الرئيس الفرنسي فرونسوا هولاند بإرسال قوات عسكرية لمساعدة الجيش المالي على مواجهة زحف المسلحين. وهو طلب وافق عليه الرئيس الفرنسي لكن شريطة أن يتم هذا التدخل في إطار الأممالمتحدة في إشارة واضحة إلى أن فرنسا لا تريد أن تتحمل لوحدها نتائج مقامرة عسكرية قد تنعكس سلبا ليس فقط على هذا البلد، بل على المنطقة برمتها. وقال الرئيس هولاند ردا على هذا الطلب إن بلاده ستدعم طلب مالي لمساعدة عسكرية لإعانتها في صد الهجوم الذي يشنه المتمردون الإسلاميون ولكن في إطار قرار من مجلس الأمن الدولي، مضيفا “قررت أن فرنسا ستستجيب إلى جانب شركائنا الأفارقة لطلب من السلطات في مالي... سنقوم بهذا في إطار قرار من مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة وسنكون مستعدين لوقف حملة الإرهابيين إذا استمرت”. ومن المقرر أن يجري الرئيس المالي بالوكالة زيارة إلى باريس الأربعاء القادم بهدف بحث سبل الإسراع في تقديم الدعم العسكري الذي تطالب به باماكو العاجزة قواتها على مواجهة المسلحين الإسلامويين. وتضاربت تصريحات الرئيس الفرنسي مع تصريحات أدلى بها مصدر مالي مسؤول رفض الكشف عن هويته أكد وجود عسكريين أوروبيين من بينهم فرنسيون بمالي لمساعدة الجيش على التصدي لزحف الحركات المسلحة نحو الجنوب، وقال المسؤول المالي “لن نقول كم هو عددهم أو المكان الموجدون فيه أو العتاد الذي يمتلكونه، لكننا نشكر هذه الدول التي فهمت أننا في مواجه إرهابيين”. واستولت الجماعات المسلحة، أول أمس، مباشرة بعد استيلائها على مدينة كونا على مركز مراقبة تابع للجيش المالي بمدينة سيفاري (60 كلم إلى جنوب مدينة موبتي الواقعة وسط البلاد) والتي تشكل الخط الفاصل بين الشمال الواقع تحت سيطرة المسلحين المتطرفين والجنوب الذي لا يزال تابعا للحكومة المؤقتة في باماكو. ونشبت معارك عنيفة بين قوات الطرفين أدت إلى إصابة العشرات من الجنود الماليين والمدنيين الذين تم نقلهم على جناح السرعة إلى مستشفى العاصمة باماكو لتلقي العلاج. وفي مسعى لرفع معنويات الجنود الموجودين بمدينة سيفاري، حل رئيس أركان الجيش المالي إبراهيم داحيرو دومبلي، أمس، بسيفاري لتقييم الأوضاع عن قرب، في وقت أكد فيه شهود عيان أن العديد من الجنود فروا من منطقة كونا أمام زحف المسلحين الذين ينتمون بالخصوص إلى فرع تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي وحركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا الموالية لتنظيم القاعدة وحتى عناصرا من حركة أنصار الدين المحلية مدعومين حتى بمقاتلين من جماعة “بوكو حرام” الإسلاموية المتطرفة في نيجيريا. وتشارك حركة أنصار الدين في هذه الهجمات رغم أنها كانت قد وقعت -مؤخرا- اتفاق شراكة مع الحركة الوطنية لتحرير الأزواد بالجزائر الشهر الماضي لنبذ العنف والدخول في مفاوضات مع باماكو وصفت بالخطوة الإيجابية لاحتواء الأزمة المتفاقمة في مالي سلميا. وبذلك تكون حركة أنصار الدين، التي تعتبر من بين الحركات المسلحة المحلية في مالي قد نسفت هذا الاتفاق، مما يقوض مساعي التوصل لحل سلمي لأزمة أمنية تزداد تعقيدا مع مرور الوقت. وأمام تدهور الوضع بهذا الشكل الخطير عادت عدة أطراف مالية من التي سبق ورفضت الانقلاب العسكري في مارس الماضي ضد الرئيس السابق أمادو توماني توري لتطالب بضرورة الإسراع في نشرة القوة العسكرية الدولية التي هي قيد التحضير لمواجهة تقدم المسلحين. وهو المطلب الذي خلص إليه مجلس الأمن الدولي بعد مشاورات مغلقة أجراها، أمس، إثر التدهور الخطير الذي آلت إليه الأمور في مالي في اليومين الأخيرين. وكان مجلس الأمن الدولي قد تبنى بالإجماع الشهر الماضي القرار رقم 2085، الذي يسمح بنشر بعثة دعم دولية في مالي بقيادة إفريقية لفترة أولية مدتها عام واحد. وتقوم المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا التي أوكلت لها مهمة قيادة هذه البعثة بالتحضير لنشر قوة عسكرية قوامها 3300 رجل، لكن التساؤل لا يزال قائما حول مدى إمكانية هذه الدول في القيام بهذه المهمة العسكرية بكل ما تحمله من مخاطر جمة، خاصة وأن هذه الجماعات المسلحة أصبحت تملك عتادا عسكريا لا يستهان به.