أكد وزير الخارجية، السيد مراد مدلسي، أن موقف الجزائر بخصوص أزمة مالي يندرج في إطار مقاربة شاملة مع الأخذ بعين الاعتبار الجانب الأمني، نظرا للوضع السائد في هذا البلد، مشيرا -في هذا الصدد- إلى أن الخروج من الأزمة لضمان الاستقرار الدائم مرتبط بعنصرين وهما الحوار السياسي مع الممثلين المؤهلين للسكان في شمال مالي والتكفل بإشكالية التنمية في هذه المنطقة المحرومة. جاء ذلك خلال مشاركة وزير الشؤون الخارجية في المنتدى الاقتصادي العالمي لدافوس بسويسرا في الدورتين المخصصتين للأزمة في مالي وتداعياتها الإقليمية والبشرية وللأثر الجيوسياسي للربيع العربي، حسبما صرح به، أول أمس، الناطق باسم وزارة الشؤون الخارجية السيد عمار بلاني. وأشار السيد مدلسي بخصوص البعد الإنساني لأزمة مالي إلى أن اللائحة 2085 التي صادق عليها مجلس الأمن الأممي، تؤكد على ضرورة احترام القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان وحقوق اللاجئين في إطار العمليات العسكرية التي تباشر في شمال هذا البلد. وقال الوزير في تدخله خلال الدورة التي شارك فيها رئيس غينيا، السيد ألفا كوندي، والمختص في الاقتصاد الكاتب جاك أتالي ورؤساء منظمات دولية، إن المجتمع الدولي حدد بعد مصادقة مجلس الأمن على ثلاث لوائح متتالية تتمثل في استعادة السلامة الترابية لمالي ومكافحة الإرهاب ومهربي المخدرات والبحث عن حل سياسي يعود على عاتق السلطات المالية. وقد جددت الجزائر في الكثير من المناسبات موقفها بشأن هذه الأزمة والداعي إلى حل سياسي قائم على الحوار بين الحكومة بباماكو والجماعات الترقية، ويكون الحوار موازاة مع حرب لا هوادة فيها ضد الإرهاب والمجموعات الإجرامية المتورطة في تجارة المخدرات وكل أشكال التهريب. كما سبق للجزائر أن أكدت دعمها للحملة العسكرية إذا كان القصد منها محاربة الإرهاب والتنظيمات الإجرامية المتورطة في تجارة المخدرات، أما إذا أريد بها استهداف الطوارق فينبغي تركهم لمعالجة مشاكلهم فيما بينهم. وفيما يخص اللقاء الذي تناول مستقبل سوريا، شارك السيد مدلسي في الدورة المخصصة للأثر الجيوسياسي للربيع العربي نشطها الأمين العام السابق للأمم المتحدة، السيد كوفي عنان، بمشاركة رؤساء وزراء ليبيا ومصر وفلسطين ولبنان، حيث ذكر السيد مدلسي في هذا الصدد "بالعناصر الأساسية" لمبدأ الجزائر المتمثل في "عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول واحترام الخيارات السيدة للشعوب". ودعا السيد مدلسي المجتمع الدولي إلى المزيد من التجند "لدعم البلدان العربية التي شهدت تغيرات عميقة في الأنظمة في جهودها من أجل استقرار الجبهة الداخلية"، في مجالي الأمن والإنعاش الاقتصادي قصد الاستجابة لتطلعات شعوبها والرد على الضغوطات الاجتماعية. وكان وزير الخارجية قد أكد في وقت سابق أن الجزائر تميزت بمواقفها "المسؤولة" حيال التحولات الجارية في بعض الدول العربية، مشيرا إلى أن هذه المواقف نابعة من المبادئ التي تحكم الدبلوماسية الجزائرية منذ عقود، وتتمثل في دعم القضايا العادلة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، واحترام خيارات وإرادة الشعوب في تقرير مصيرها والخيارات التي تتبناها، في حين رد على الانتقادات التي وجهت لأداء الدبلوماسية الجزائرية، بعدم مسايرة أحداث الربيع العربي، مؤكدا على "الانسجام الكامل" في المواقف الجزائرية التي اتخذت، من سياسة التدرج في تبني المواقف "بما يراعي مصلحة الجزائر العليا ومصالحها الاستراتيجية سواء على المستوى الإقليمي أو على المستوى العربي". وشدد الوزير على ضرورة النظر بعين واقعية وبرؤية حقيقية للحلول التي تعمل على علاج الأزمات بما لا يعرض مصالح الشعوب إلى خسائر فادحة ماديا وبشريا. وكان السيد مدلسي قد أجرى على هامش منتدى دافوس محادثات مع العديد من المسؤولين، لا سيما رؤساء وزراء ليبيا، السيد علي بن زيدان وفلسطين، السيد سلام فياض، والوزير النرويجي للشؤون الخارجية، السيد إيسبن بارث إيد، ووزير الشؤون الخارجية التركي، السيد أحمت داوود أوغلو. كما التقى بالسفيرة والممثلة الدائمة للولايات المتحدة لدى الأممالمتحدة، السيدة سوزان رايس ونائبة الأمين العام للأمم المتحدة المكلفة بالشؤون الإنسانية، السيدة فاليري أموس، والرئيسة الشرفية، السيدة ساداكو أوغاتا، والرئيس الحالي للوكالة اليابانية للتعاون الدولي، السيد أكيهيتو تاناكا.