أكدت مصادر مقربة من مجمع الحديد والصلب للحجار، أمس، نية الحكومة في استرجاع غالبية الحصص في رأسمال مركب الحديد الذي كانت قد تنازلت عنه للعملاق الهندي أرسيلور ميتال المالك ل70 بالمائة من رأسمال المؤسسة، وذلك في خضم الأزمة المالية الخانقة التي يمر بها المجمع الهندي الذي اضطر إلى غلق عدد من أفرانه بأوروبا مثيرا موجة غضب حادة في أوساط العمال امتد هاجسها إلى فرعه بالجزائر، حيث لم يخف عمال مجمع الحجار تخوفهم من تداعيات حالة الإفلاس التي تهدد العملاق الهندي بفعل عجزه عن تسديد ديونه. وقد نقلت وكالة الإنباء الفرنسية، أمس، عن النائب بالمجلس الشعبي الوطني إسماعيل قوادرية الامين العام السابق لنقابة عمال "ارسيلور ميتال" تأكيده بأن الحكومة تعتزم بالفعل إعادة شراء مصنع الحديد والصلب الذي سبق أن باع أغلبية حصصه للعملاق العالمي الهندي "ايسبات" في سنة 2001 وذلك بسبب المشاكل المالية التي يعاني منها هذا الأخير، مشيرا إلى أن الدولة ستستعيد غالبية الحصص في هذا المصنع، والموزعة في الوقت الحالي بين المجمع الهندي الذي يمتلك 70 بالمائة والمؤسسة العمومية سيدار التي تمتلك حصة 30 بالمائة من المشروع، فيما يرتقب حسب مصادر من وزارة الصناعة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وترقية الاستثمار أن تفضي عملية "إنقاذ" المركب من قبل الدولة باعتماد القاعدة القانونية للإستثمار 51/49 بالمائة، على أن تعود حصة 51 بالمائة للدولة الجزائرية التي ستشرف على تسيير المركب من خلال مؤسسة "سيدار". وفضلا عن تساوق قرار الحكومة التحرك لإنقاذ المركب الضخم للحديد والصلب مع السياسة الجديدة والاستراتيجية التي تسهر على تطبيقها وزارة الصناعة لتنمية القطاع الصناعي في الجزائر فإن القرار يكون قد اتخذ أيضا كإجراء استباقي لتفادي حالة الاحتقان التي قد يعرفها هذا المركب الضخم الذي يشغل نحو 7 آلاف عامل، بعد أن دخل العملاق الهندي في الأشهر القليلة الأخيرة في أزمة خانقة بأوروبا، حيث تكبد خسائر فادحة قدرت قيمتها ب3,73 مليار دولار في 2012، وتزامنت مع قرار المجمع غلق العديد من أفرانه بمدن أوروبية على غرار فرني "فلورانج" بفرنسا، وتسريح الآلاف من العمال الذين لم يستسيغوا قرارات العملاق الهندي وخرجوا في مظاهرات غضب بكل من بلجيكا، فرنسا ولوكسمبورغ، وامتدت إلى غاية مقر البرلمان الأوروبي ببروكسل، حيث تجمع قبل أيام نحو 1500 موظف من عمال المجمع في أوروبا للتنديد بما اعتبروه قرارات تعسفية صادرة عن إدارة "أرسيلور ميتال". وإذا كان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند قد حاول التدخل بطرق دبلوماسية لحل أزمة أرسيلور ميتال بفرنسا، من خلال استقباله بقصر الإليزيه لرجل الأعمال "لاكشمي ميتال" مالك المجمع "أسيلور ميتال" لبحث حلول سريعة لأزمة مصانع التعدين المهددة بالغلق في حال عدم نجاح فرنسا في إيجاد مستثمرين لشرائها، فإن الجزائر تكون قد اتبعت طرقا براغماتية لإخراج المركب المسير من قبل "ارسيلور ميتال" بعنابة من أزمته الخانقة دون المساس بسير الإنتاج بهذا المصنع ولا بمصير عماله، ولذلك فإن مصادر تحدثت أمس عن تشكيل لجنة تضم إطارات سامية في قطاع الصناعة لتقييم وضعية المركب المادية والمالية، في خطوة أولى تسبق عملية إنهاء صفقة شراء المركب من قبل الدولة والتي تصل قيمتها حسب نفس المصادر إلى 200 مليون دولار. وجدير بالذكر أن الحكومة كانت قد أبدت على لسان الوزير الأول السابق السيد أحمد أويحيى رفضها القطعي تعريض مركب الحديد والصلب للحجار الذي يعد إحدى مفاخر الصناعة الجزائرية إلى أي إجراء يرهن مصيره ومصير عماله، وأكد أويحى ردا على المخاوف التي عبر عنها عمال المركب بعد تهديدات "ارسيلور ميتال" بإعلان الإفلاس بسبب المشاكل المالية التي كانت تعاني منها، أن الدولة لن تتخلى عن هذا المصنع وستعمل كل شيء من أجل تفادي غلقه. وتبع إعلان رئيس الجهاز التنفيذي السابق عن حرص الدولة على إنقاذ المركب إجراءان ملموسان تمثلا في منح قروض بنكية للمجمع "أرسيلور ميتال" من أجل مساعدته في تمويل مخطط التقويم ودعم الإنتاج، غير أن ذلك لم يكف على ما يبدو لإنهاء المشاكل المالية التي خنقت العملاق الهندي وأرغمته على خيار بيع غالبية حصصه في مركب الحجار.