قال وزير الصناعة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وترقية الاستثمار، السيد الشريف رحماني، أن الحكومة قررت إحداث ”قطيعة مع الترقيع وسياسة البريكولاج وتجميل الواجهات” التي طبعت عمليات إعادة تأهيل المناطق الصناعية. مشيرا إلى أن مفهوم هذه الأخيرة قد تغير ضمن الرؤية الجديدة لتسييرها من خلال تحويلها إلى ”حظائر صناعية” بمقاييس عالمية. والبداية ستكون من المنطقة الصناعية الرويبة-الرغاية التي سيتم تأهيلها لتصبح ”نموذجا” يحتذى. ولمعرفة مقترحات أرباب العمل ورؤساء المؤسسات الذين يعملون بهذه المنطقة الصناعية، تم أمس تنظيم لقاء بإقامة الميثاق حضره كذلك الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين السيد عبد المجيد سيدي السعيد. وأوضح رحماني أن عملية تأهيل هذه المنطقة تدخل في إطار ”مخطط تطهير أوسع سيشمل في البداية 10 مناطق صناعية من بينها منطقة وادي السمار التي يتم العمل حاليا لعصرنتها”، مشيرا إلى أنه تم الانتهاء من الدراسة وإعداد دفتر الأعباء. وشدد الوزير على أن الأمر يتعلق بالرغبة في الرجوع بالصناعة الجزائرية إلى عهدها الذهبي، وإعطاء الصورة اللائقة للمناطق الصناعية ”كما كانت عليه سابقا قبل أن تتدهور”. إذ اعترف بوضوح أنها اليوم تعيش حالة تدهور كبيرة وهو ماعاينه أول أمس خلال زيارة لإحداها في ولاية بشار. ومن أجل الخروج من سياسة الترقيع التي مورست سابقا-كما أشار الوزير- تم إعداد دراسة دقيقة ومعاينة ميدانية سمحت بالوصول إلى ”وصفة علمية” لعصرنة المناطق الصناعية، وتمت الاستعانة بمكاتب دراسات من الجزائر وكوريا وإسبانيا وفرنسا فضلا عن دراسة لمكتب دراسات أوروبي مختص أعد دراسة حول إيجابيات ونقائص هذه المناطق والفرص المتوفرة وكذا المخاطر التي قد تنجر عن الاستمرار في حالة تدهورها، وذلك تحت شعار ”لنمنح حظيرة لصناعتنا”. شعار يحمل في طياته -حسب رحماني- تغييرا في التصور والرؤية تجاه هذه المناطق وفي طريقة تسييرها التي اعترف أنها أحيانا تتم بطريقة”متسلطة” من طرف بعض إدارات المناطق الصناعية، دون أن ينسى الاشارة إلى أن بعض الناشطين في هذه المناطق هم كذلك ليسوا في المستوى، مذكرا بالخلافات التي تصل إلى حد النزاعات القضائية بين مسيري هذه المناطق والمستفيدين من خدماتها بفعل التدهور الحاصل، والذي أدى إلى رفض دفع الاشتراكات في العديد من الحالات. لكن، حتى لاتبقى الأمور تدور في ”دائرة الخلافات”، قال رحماني لرؤساء المؤسسات الحاضرين، أنه يجب اليوم ”فتح صفحة جديدة والانطلاق مجددا في ظروف أفضل”. وعن اختيار المنطقة الصناعية الرويبة-الرغاية لتكون نموذجا، أشار الوزير إلى مكانتها التاريخية وكذا تربعها على مساحة 1000 هكتار واحتضانها ل30 ألف عامل و200 مؤسسة، 70 بالمائة منها تابعة للقطاع الخاص. ”لقد قررنا أن نبدأ بها من أجل أن نعيد لها روحها”- يضيف المتحدث-. وتعتمد الرؤية الجديدة للمناطق الصناعية، حسب الشرح المقدم في هذا اليوم، على إنشاء فضاءات ذات معايير دولية تتوفر على كل الخدمات الأساسية، لتصبح محركات حقيقية للاقتصاد الوطني، لكن ذلك سيتم ”بالتدريج” كما قال رحماني الذي لم يعط التكلفة الدقيقة للمشروع واكتفى بالقول أنه سيكلف ملايير الدنانير. واعتبر أنه من الهام بناء هياكل دائمة وكذا تطبيق سياسات تسيير جديدة تعتمد على اللامركزية ويتم من خلالها إشراك كل الفاعلين في إطار صيغة محددة، مع الاستعانة بالخبرات الوطنية والدولية. ويقوم مشروع التأهيل على جملة من الاجراءات أهمها توفير الخدمات الأساسية لاسيما شبكة الطرقات والتكنولوجيات الحديثة وإدماج البحث والتكوين بها، وتوفير الخدمات المالية ومراكز الأعمال ومختلف الادارات التي لها علاقة بالاستثمار، ومختلف التجهيزات وحتى الهيئات الاجتماعية كالصحة والحماية المدنية وحتى رياض الأطفال والفنادق، حسبما أكده رحماني. وأظهر تقرير عرض بالمناسبة التدهور الكبير الذي تعيشه المنطقة الصناعية في الرويبة، سواء من حيث سوء حالة الطرقات أو غياب المياه الصالحة للشرب وشبكات تطهير المياه، غياب نظام مضاد للحرائق، غياب حظائر السيارات، غياب التغطية بالألياف البصرية، عدم احترام البيئة...الخ وهو ما أكده السيد سليم عثماني رئيس مجلس إدارة بمؤسسة ”الرويبة” للعصائر التي يوجد مقرها بالمنطقة الصناعية، مشيرا إلى أن أمنيته أن يرى المشروع الجديد متجسدا في أقرب وقت، لاسيما وأن الخدمات المتوفرة حاليا متدنية، والأدهى من ذلك –كما أشار- هو وجود بيوت قصديرية داخل المنطقة. كما انتقد طريقة تسييرها والتفريق بين القطاعين العام والخاص، وغياب ثقافة الصيانة، وعدم تحمل المسؤوليات. من جانبه، اعتبر الأمين العام للمركزية النقابية السيد عبد المجيد سيدي السعيد أهمية مثل هذه المشاريع، مشيرا إلى أن عدم تأهيل الصناعة الجزائرية يعني ”أننا نعمل ضد مصلحتنا”. وقال إن كل ما من شأنه تحسين ظروف الشغل للعاملين هو أمر إيجابي.