وقعت الجزائر وموريتانيا، أول أمس، بنواقشوط، على خمس اتفاقيات تخص العديد من مجالات التعاون الثنائي بين البلدين، وذلك عقب نهاية أشغال الدورة ال17 للجنة المشتركة العليا التي ترأسها مناصفة الوزير الأول عبد المالك سلال ونظيره الموريتاني مولاي ولد محمد لقظف. وقال سلال إن الاتفاقيات ستعطي "دفعا جديدا" للعلاقات بين البلدين. وأكد لقظف من جانبه أنها تشكل "نقلة نوعية في مستوى ومحتوى علاقات التعاون المثمر والبناء" بين البلدين، معتبرا إياها "لبنة جديدة" تضاف إلى العلاقات "المتميزة والتاريخية التي تجمع البلدين الشقيقين". وتخص الاتفاقيات عدة قطاعات، إذ تم التوقيع على مذكرة تفاهم في مجال الصيد البحري والموارد الصيدية ومذكرة تفاهم في مجال الموارد المائية وبروتوكول تكميلي في مجال الصحة الحيوانية، بالإضافة إلى برنامج تنفيذي في مجال الشباب والرياضة وبرنامج تنفيذي في مجال محو الأمية. ففي مجال الصيد البحري، تم تحديد إطار وآليات استغلال رخص الصيد البحري الخمس الممنوحة للجزائر، بالإضافة إلى تكثيف التعاون في مجال التكوين وتخصيص منح لفائدة الطلبة الموريتانيين في هذا القطاع. وفيما يخص المبادلات التجارية تم الاتفاق على إنشاء فريق عمل مشترك لإعداد إطار قانوني جديد يحكم المبادلات التجارية بين البلدين التي بلغ حجمها في 2012 أزيد من 61 مليون دولار، كما تمت دعوة المجلس المشترك لرجال الأعمال للانعقاد في نوفمبر المقبل بالجزائر. وفي مجال الطاقة، اتفقا على توسيع التعاون والشراكة في البحث واستكشاف النفط والاستفادة من التجربة الجزائرية في ميدان الطاقات الجديدة والمتجددة. أما في قطاع الأشغال العمومية فاتفقا على تسليم دراسة الجدوى الاقتصادية التي أعدها الجانب الجزائري بخصوص الطريق الرابط بين تندوف وشوم مع الدعوة إلى تكثيف التعاون بين المختبرات الوطنية للأشغال العمومية. وأكدت الجزائر وموريتانيا على ضرورة تكثيف التعاون في مجال الفلاحة والأمن الغذائي والتكوين والإرشاد الزراعيين. ووضعا عددا من محاور التعاون في الموارد المائية منها الصرف الصحي وتحلية مياه البحر والري والتقطير. من جانب آخر، توصلا إلى إعداد إطار قانوني للتعاون في مجال الإسكان والعمران وتكثيف الزيارات بين الخبراء والفنيين والاستفادة من التجربة الجزائرية. وفي قطاع التعليم العالي حرصا على استقرار عدد المنح المقدمة لفائدة الطلبة الموريتانيين -عددها 150 منحة سنويا- مع تكثيف التعاون بين الجامعات في مجالات التأطير وتكوين المكونين والبحث العلمي. فيما تم رفع حصص المنح الدراسية الممنوحة للجانب الموريتاني في مجال التكوين المهني من 10 إلى 20 سنويا والدعوة إلى عقد الاجتماع الثاني للجنة القطاعية المشتركة خلال السداسي الأول من السنة الجارية بالجزائر. كما تم الاتفاق على إعداد الصيغة النهائية لمشروع بروتوكول في مجال العمل والعلاقات المهنية تمهيدا للتوقيع عليه خلال الاستحقاقات المقبلة، مع دعوة خبراء الضمان الاجتماعي لعقد اجتماعهم بالجزائر في أفريل المقبل. إضافة إلى استكمال المحادثات بين الطرفين لإعداد مشروع بروتوكول تعاون في مجال الوظيفة العمومية تمهيدا للتوقيع عليه لاحقا. واتفق البلدان على عدد من محاور التعاون في الصحة لاسيما تلك المرتبطة بالمساعدة التقنية والتكوين والتعاون في مجال حقن الدم. وفي قطاع الداخلية والجماعات المحلية، نصت الاتفاقيات على تخصيص منح سنوية لفائدة أعوان الحماية المدنية الموريتانية بالجزائر، حسب الإمكانات المتاحة مع وضع إطار تعاون في مجالات تنظيم الإدارة الإقليمية وتبادل الخبرات والزيارات بين المنتخبين المحليين لكلا البلدين. وأيضا تكثيف التعاون في مجال التكوين ومحاربة الجريمة المنظمة العابرة للحدود وتبادل المعلومات حول الغش والتهريب الجمركي. وأشاد الوزير الأول عبد المالك سلال -الذي أنهى زيارته لنواقشوط بعد مباحثات مع نظيره الموريتاني واستقبال خصه به الرئيس الموريتاني السيد محمد ولد عبد العزيز- ب«النتائج الايجابية" التي توصلت إليها الدورة. وقال في اختتام أشغالها أن هذه النتائج "ستساهم بدون شك في إعطاء دفعة متجددة لتعاوننا الثنائي"، مشيرا إلى وجود "إرادة قوية" لدى الجانبين للارتقاء بعلاقاتهما الثنائية إلى "مستوى العلاقات المتميزة القائمة بين شعبينا وقيادتنا". واعتبر أنها مكنت الطرفين من إجراء "تقييم شامل وموضوعي" لمختلف ملفات التعاون الثنائي وكذا "تشخيص الصعوبات التي تعيق تطور هذا التعاون". وأكد ثقته بأن ما تم اتخاذه من قرارات وتوصيات وما تم التوقيع عليه من اتفاقيات وبرامج تنفيذية سيعطي "دفعا جديدا" للعلاقات بين البلدين، معربا عن أمله في أن يتطور هذا التعاون ليشمل كافة القطاعات مع توجه رجال الأعمال في كلا البلدين إلى البحث عن صيغ مناسبة للشراكة "يكتب لها النجاح والدوام". وعبر عن يقينه بتحقيق الأهداف المسطرة من قبل قائدي البلدين الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وأخيه الرئيس محمد ولد عبد العزيز وإعطاء انطلاقة متجددة وواعدة للعلاقات الجزائرية-الموريتانية في مختلف المجالات. ونوه في ذات السياق ب«الجدية والموضوعية" التي سادت أشغال الدورة و«التفاهم الذي طبع المشاورات حول أهم القضايا المطروحة في محيطنا المغاربي والعربي والافريقي"، مشيرا إلى أن وجهات نظر الطرفين كانت "متطابقة" إزاء هذه القضايا بما يرسخ "سنة التشاور والتنسيق القائمة بين بلدينا وعلى مختلف المستويات". وكان سلال قد شدد في كلمته الافتتاحية على أهمية التعاون والتنسيق الأمني بين البلدين لمواجهة التحديات التي أفرزتها الأزمة في مالي والتي ترتب عنها نزوح آلاف اللاجئين نحو الجزائر وموريتانيا. وجدد بالمناسبة دعوة الجزائر ل«احترام سيادة دولة مالي ووحدتها الترابية وتجنب كل ما من شأنه أن يؤجج النعرات القبلية ويعقد الأزمة في هذا البلد". كما أشار إلى أن البلدين سجلا تطابق وجهات نظرهما فيما يخص الوضع في سوريا والقضية الفلسطينية، معربا عن أمله في أن تساهم القمة العربية المقبلة بالدوحة في تنقية الأجواء وتعزيز التضامن العربي.