لا يختلف اثنان بشأن الإثارة التي ستصحب لقاء الدور نصف النهائي، الذي سيجمع اليوم بداية من الساعة الخامسة عصرا، بين فريقين اختصاصيين بامتياز في منافسة كأس الجمهورية، وهو ما اعتبر لقاء نهائيا قبل الأوان، وشاءت القرعة أن يحتضن ملعب الشهيد أحمد زبانة مواجهة "الحمراوة" - "سوسطارة "، وهو الملعب الذي كان محل تجاذب بين مجلس إدارة مولودية وهران ولجنة منافسة الكأس التابعة للاتحادية الجزائرية لكرة القدم.. حيث كان يفضل الوهرانيون أن يستقبلوا نظراءهم العاصميين بملعب بوعقل، الذي احتضن مبارياتهم الأخيرة في البطولة الاحترافية الأولى، وكذا الدورين السادس عشر وثمن النهائي من منافسة الكأس، ويرون في هذا الملعب فأل خير عليهم، ويؤكدون أن نتائجهم الفنية تحسنت كثيرا منذ انتقالهم إليه، لكن حزم اللجنة المعنية أبطلت كل محاولات رئيس المولودية العربي عبد الإله في الاستقبال به مجددا، وهو (أي عبد الإله) الذي يوجد في عين إعصار الاتحادية، وقد لا ينجو من عقوبة ستسلطها عليه بعد التصريحات الأخيرة التي أدلى بها، والتي هدد فيها باللجوء إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم لإنصاف فريقه، على حد قوله، وهو ما يتنافى مع قوانين هذه الهيئة الرياضية، وكذا لجنتها المكلفة بمنافسة كأس الجمهورية... لكن ما شغل بال أنصار المولودية أكثر، هو معرفة استعدادات فريقهم لهذا الموعد الهام، ومعنويات لاعبيه في خضم هذه القبضة بين إدارتهم و«الفاف"، ليطمئنهم المدرب سيد أحمد سليماني ويؤكد لهم جاهزية التشكيلة لملاقاة اتحاد العاصمة، وجدد وعده بالانتقال ب«الحمراوة" إلى المباراة النهائية : " فضلت الابتعاد باللاعبين عن كل ما من شأنه ضرب معنوياتهم، ورأيت أن شد الحبل بخصوص تحديد الملعب هو من صلاحية الإدارة، ولا يعنيهم والطاقم الفني في شيء، بل ما يهمهم هو الاستعداد لهذه المواجهة، وأؤكد أنهم سيكونون في الموعد، فقد تدربوا بصفة منتظمة طيلة الأسبوع وما بقي لهم سوى ترجمة الإرادة الفولاذية التي يتحلون بها فوق أرضية الميدان وتجاوز عقبة اتحاد العاصمة ". أما عن منافس اليوم، فقال مدرب "الحمراوة" : " لا شك أن اتحاد العاصمة فريق محنك وصاحب خبرة كبيرة وسيكون صعب الترويض، لكن منافسة الكأس لا تعترف بفريق قوي وآخر ضعيف، والمهم بالنسبة لنا هو استغلال عاملي الملعب والجمهور لتحقيق آمال محبينا، الذين نتوقع قدومهم بكثرة، وسنفرح معهم إن شاء الله بالمرور إلى المباراة النهائية". وعكس المباريات السابقة، يتوقع أن يعمد سليماني إلى بعض التغييرات، خاصة على مستوى الدفاع، بإعادة سباح لشغل الرواق الأيمن وسنوسي الأيسر وبراجة إلى مكانه الأصلي في خط الوسط، مع مساندة من كوريبة الذي يحسن التفاوض في الالتحامات الثنائية. من جهة أخرى، ولضمان سير حسن لهذا اللقاء، شرعت إدارة المركب الولائي لمختلف الرياضات في بيع تذاكر الدخول صبيحة اليوم لقطع دابر السوق السوداء، وتخصيص مدرجات المنعرج الذي يوجد به اللوح الإلكتروني لأنصار اتحاد العاصمة، الذين استفادوا من حصة بخمسة آلاف تذكرة، والمهم في كل هذا أن تجري هذه المباراة في أجواء احتفالية ورياضية مميزة، جديرة بسمعة مدرستي مولودية وهران واتحاد العاصمة.
الغلبة كانت دائما للاتحاد يحيلنا أرشيف مباريات مولودية وهران - اتحاد العاصمة في منافسة الكأس، إلى ست مواجهات جمعت بينهما منذ نشأة هذه المنافسة، خمس منها عادت إلى الاتحاد، والتقى الفريقان أربع مرات في الدور نصف النهائي، حيث كانت أول مواجهة بينهما عام 1981 بملعب العقيد لطفي بمدينة تلمسان وعادت الكلمة الأخيرة فيها إلى اتحاد كهرباء الجزائر (التسمية الجديدة للفريق في عهد الإصلاح الرياضي ) بهدفين لواحد، وعرف هذا اللقاء حادثة كانت بمثابة منعرج اللقاء وممهدة لتأهل الفريق العاصمي، تمثلت في تسجيل قديورة لهدف غير شرعي (وهو هدف الانتصار) من جهة الشبكة الجانبية التي كانت ممزقة قبل بداية اللقاء، ولم ينتبه لها الحكم التونسي الذي أدار وقائعه، وكان ذلك في إطار تبادل أطقم الحكام بين الجزائر وتونس، ورغم احتجاجات لاعبي المولودية، إلا أن الهدف احتسب وتأهل الاتحاد لملاقاة جمعية وهران في الدور النهائي بملعب 24 فبراير بمدينة سيدي بلعباس، الذي دشن بهذه المناسبة، وكان فال خير على فريق "سوسطارة" للتتويج بأول كأس له بعد سنوات طويلة من الخيبة والحرمان، إثر تفوقه على فريق جمعية وهران بنتيجة هدفين لواحد. أما المواجهة الثانية بين التشكيلتين في هذا الدور، فجرت سنة 1988 بملعب عنابة، حيث كان الخطأ الفادح المرتكب من طرف المدافع المحوري الوهراني عبد الحفيظ بلعباس، الذي أبعد خطأ كرة بضربة مقصية ولجت مرمى فريقه، كافيا لاتحاد العاصمة للمرور إلى الدور النهائي والتتويج بالكأس الثانية في مشواره، بعد فوزه في اللقاء النهائي على شباب بلوزداد بضربات الترجيح. وسجلت سنة 2003 تأهلا ثالثا لاتحاد العاصمة على حساب المولودية الوهرانية في الدور نصف النهائي، وكان الملعب القديم لمدينة الشلف شاهدا على ثلاثية "الثعلب" يسعد بورحلي الذي مهد الطريق لفريقه للترشح ومواجهة شباب بلوزداد في المباراة النهائية والفوز عليه بعد الوقت الإضافي . أما اللقاء الرابع في هذا الدور بين الغريمين التقليدين، فجرى في السنة الموالية ( 2004) بالملعب الجديد بمدينة الشلف "محمد بومزراق"، و انتهى بتأهل أبناء "سوسطارة" بفضل ضربات الترجيح، وبعقاب خاص من اللاعب السابق للمولودية حدو مولاي، الذي سجل الضربة الأخيرة وأبكى زملاءه السابقين. واستمر شبح اتحاد العاصمة يطارد مولودية وهران، قبل أن تنجح في فك العقدة سنة 2007 وتبصم على أول انتصار لها عليه منذ نشأة منافسة كأس الجمهورية، بعد فوزها عليه برسم الدور ال32 بفضل هدف الشيخ بن زرقة، لكن العاصميين تحينوا الفرصة سنة 2009 وثأروا لأنفسهم وأقصوا "الحمراوة" بملعبهم "عمر حمادي"، بعد ما هزوا شباكهم أربع مرات مقابل هدف وحيد... ليبقى الجميع ينتظر مآل المواجهة الجديدة (وهي السابعة) بين الفريقين الاختصاصيين اليوم، وهي الأولى التي تلعب بينهما في هذا الدور بملعب أحمد زبانة، لكنها الخامسة لمولودية وهران بذات الملعب بعد سنة 1966 التي استقبل فيها رائد القبة، 1975 حمراء عنابة، 1978 شباب بلوزداد و2002 اتحاد البليدة. وعموما فإن مولودية وهران تحتفظ بالرقم القياسي في عدد المشاركات في الدور نصف النهائي ب21 مشاركة من مجموع 48 طبعة.