أكد وزير الشؤون الخارجية السيد مراد مدلسي أول أمس بالجزائر العاصمة، أن إفريقيا تعتزم أن تجعل من موضوع الماء الذي وقع عليه الاختيار لإحياء يوم إفريقيا "أولى أولوياتها". وفي كلمة ألقاها بمناسبة إحياء يوم إفريقيا صرح السيد مدلسي، أن "الاحتفالات بيوم إفريقيا تقام بانتظام تحت شعار محدد والموضوع الذي وقع عليه اختيارنا لهذه السنة يخص المسألة الهامة المتعلقة بتحقيق أهداف الألفية للتنمية الخاصة بالماء والتطهير". وأكد قائلا "نعلم جميعا أن هذا التحدي (الماء والتطهير) يقع في صلب انشغالات قارتنا التي تعتزم أن تجعل منه أولى أولوياتها في هذه السنة الدولية لتطهير الماء والدليل على ذلك هو الندوة العاشرة للاتحاد الإفريقي المنعقدة بأديس أبابا في شهر فيفري 2008 ". وأشار السيد مدلسي إلى أن "تأمين الماء" يعد "رهانا استراتيجيا عالميا"، مضيفا أن "البعد الذي يكتسيه هذا التحدي يفسر بأن الهدف السابع من أهداف الألفية من أجل التنمية يرمي إلى تقليص نسبة السكان الذين لا يستفيدون من التزويد بالماء الشروب ومن خدمة تطهير قاعدي إلى النصف في أفق سنة 2015 ". وبعدما تبين أن هذا الهدف لن يتسنى تحقيقيه، دعا السيد مدلسي إلى الضرورة العاجلة لإجراء تقييم للإنجازات المحصلة لحد الآن والقيام على وجه الخصوص بالتقويمات اللازمة من أجل الاقتراب بأكبر قدر ممكن من الأهداف المتوخاة. كما تطرق وزير الخارجية إلى مشكلة الأمن الغذائي التي تستدعي كما قال إجراءات "حازمة" قصد "وضع حد" لالتهاب الفواتير الغذائية الذي قد يؤثر سلبا إن استمر على هذه الحال حسب الأممالمتحدة "على النمو الاقتصادي والتقدم الاجتماعي وحتى الاستقرار السياسي عبر العالم". كما أوضح بأن ثقافة السلم والحوار التي تدعو إليها القارة الإفريقية وعلى الرغم من العوائق البشرية والمادية الجلية تعطي للعالم بأسره صورة "تبعث على التفاؤل" بخصوص القارة الإفريقية الأمر الذي يمثل كما قال "إشارة قوية تبشر بآفاق جد مشجعة". وأكد الوزير في هذا السياق أن رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة يعتزم العمل أكثر في تحريك القدرات الإفريقية وإقرار السلام حيثما كان مهددا، وبالتالي العمل من أجل تجسيد المصالحة الدائمة ما بين الأفارقة والتنمية التي تصبو إفريقيا إلى تحقيقها بالنظر إلى مؤهلاتها الطبيعية والقدرات التي تزخر بها. وذكر السيد مدلسي في هذا الصدد أنه تم في هذا المنظور منذ سنة 1999 القيام بمبادرات هامة في كل الميادين الرئيسية بالنسبة لإفريقيا ذكر منها استتباب السلم وتنمية المنشآت القاعدية على غرار انجاز الطريق العابر للصحراء الذي سيربط الجزائر العاصمة بلاغوس مرورا من العديد من البلدان ومن بينها مالي والنيجر. ومن جهة أخرى نوّه الوزير بالآباء المؤسسين لمنظمة الوحدة الإفريقية الذين عرفوا كيف يتجاوزوا الصعاب والعراقيل التي كانت تتخبط فيها إفريقيا المنهكة عند خروجها من نير استعمار دام طويلا وإرساء أسس قارة حرة وسيدة مصيرها. وأوضح السيد مدلسي يقول "سوف نتذكر من هذا اليوم المشهود تجسيد قناعات زعماء بلداننا الذين التزموا بتكريس نظرة متقاسمة ومصير مشترك يجد اليوم تعبيره القوي في الجهود المبذولة". وأكد أن العقد التأسيسي للاتحاد الإفريقي "يريد أن يكون تجسيدا رسميا لحقوق الإنسان ودولة القانون وقواعد الديمقراطية والحكم الراشد مع إشراك السكان الأفارقة والمجتمع المدني من خلال البرلمان الإفريقي والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والثقافي". من جهته أشاد سفير الجمهورية الإسلامية لموريتانيا وعميد السلك الدبلوماسي الإفريقي المعتمد بالجزائر السيد محمد لمين فال، بالتزام رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة لصالح مسيرة إفريقيا نحو " مزيد من الوحدة" و"إندماج أكبر" . وأوضح السيد فال "أشيد بالالتزام الدائم للرئيس بوتفليقة وبالجهود الحاسمة للجزائر في هذه المسيرة الإفريقية نحو مزيد من الوحدة والتضامن والاندماج والمسؤولية". واعتبر أن هذه القيم المشتركة لإفريقيا مكنت القارة من أن تشكل "فاعلا هاما على الساحة الدولية قصد إسماع صوتها حول مواضيع الساعة" على غرار مكافحة الفقر والإرهاب والأوبئة الكبرى والهجرة والتغيرات المناخية والأزمة الغذائية. كما أعرب السيد فال للرئيس بوتفليقة عن دعم الحكومات الإفريقية لتطبيق سياسة المصالحة الوطنية ومباشرة العديد من الورشات التنموية لصالح الشعب الجزائري وكذا "لصالح القارة" من خلال المشاريع المهيكلة الكبرى مثل مشروع "الطريق العابر إفريقيا". واعتبر عميد السلك الديبلوماسي الإفريقي أن اختيار محور الماء لإحياء يوم إفريقيا هذه السنة إنما يعد طريقة "لتركيز التفكير على مواضيع الساعة الأكثر أهمية"، مؤكدا أن ضمان تزويد كاف بماء ذو نوعية يعد "تحديا هاما" بالنسبة لمجموع الدول الإفريقية. كما أوضح "أنه أضحى من الضروري التوفر على قدرات تكيف كبيرة من أجل التحكم وضمان التزود بالمياه الجوفية أو السطحية من أجل تغطية احتياجات الإنسان وتطوره". في هذا الإطار وصف الدبلوماسي هذه المهمة "بالضخمة" وذات طابع "أولوي"، مشيرا إلى أنها تتطلب تصورا تضامنيا ومبتكرا "بدونها تكون أي تنمية مستديمة مهددة بالفشل. وقد تميز الاحتفال بهذا اليوم بحضور أول رئيس للجزائر السيد أحمد بن بلة الذي يترأس حاليا لجنة العقلاء للاتحاد الإفريقي والسلك الدبلوماسي الإفريقي المعتمد بالجزائر وإطارات من وزارة الشؤون الخارجية.