بعث وزير الداخلية والجماعات المحلية، السيد دحو ولد قابلية، بإشارات حسن نية للمسؤولين المغربيين بخصوص قضية فتح الحدود بين الجزائر والمغرب، بالتأكيد على أنها لن تبقى مغلقة دائما. وأنّ فتحها يحتاج إلى "بعض الإجراءات وحل بعض النزاعات العالقة" التي لا علاقة لها بالأمور السياسية. وبذلك يكون السيد ولد قابلية قد جدد رؤية الجزائر بخصوص هذه القضية، وهي التي أكدت في العديد من المناسبات تأييدها لهذا الإجراء، في سياق معالجة كافة المسائل في إطار مقاربة شاملة، تأخذ بعين الاعتبار المصالح الاقتصادية للبلدين تعود بالنفع على الشعبين الشقيقين. وفي رده غير المباشر على الاتهامات المغربية التي توجه اللوم إلى الجزائر بخصوص هذه المسألة، شدد السيد ولد قابلية في لقاء مع الصحافة في ختام اجتماع وزراء داخلية دول المغرب العربي، أول أمس، على أن إعادة فتح هذه الحدود المغلقة منذ عقود "مسألة تحظى بالأولوية"، بالقول في هذا الصدد :«إذا سرعنا عملية التفاوض، يمكن أن تجد حلها في وقت ليس ببعيد"، مضيفا أنّ لقاءاته الأخيرة مع نظيره المغربي، السيد محند العنصر الذي زار مؤخرا الجزائر، تشكل "إشارة قوية " وربط الوزير حلّ مسألة الحدود بتوفير مناخ ملائم لدراسة هذه القضية، "على أنّ الجزائر لا تملي شروطا مسبقة". موضحا أن هناك اجتماعات جارية وقرارات سيتم اتخاذها لتسوية القضايا الخلافية. وأعطى في هذا الصدد مثالا عن الزيارة الأخيرة لوزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي، السيد سعد الدين العثماني، إلى الجزائر، حيث ساهمت في تسطير أجندة في هذا الاتجاه. وكانت الحدود بين البلدين قد أغلقت في عام 1994، بعد اتهام المغرب الجزائر بتورطها في هجوم استهدف فندق في مدينة مراكش المغربية، حيث سارعت الجزائر إلى المعاملة بالمثل، مع غلق الحدود، وظهر بعدها أنها لا علاقة لها بالحادث. وكان وزير الخارجية، السيد مراد مدلسي، قد أشار في آخر تصريح له، أن فتح الحدود الجزائرية المغربية هي قضية ثنائية"، يتعين علينا البحث عن حل لها في إطار ثنائي، وذلك ببحث القضايا التي تهم الجزائر، مثل مشكل تهريب المخدرات والهجرة السرية والبعد الأمني. وقد قرر البلدان إجراء سلسلة من المباحثات الصريحة والصادقة بخصوص مستقبل العلاقات بينهما، في ظل الخلافات التي تسببت في توتيرها قضية الصحراء الغربية التي تعتبر قضية تصفية استعمار لدى الأممالمتحدة، إلى جانب قضايا تتعلق بالتهريب وأمن الحدود والممتلكات المصادرة منذ عام 1975. وكان الأمين العام لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون المغربية، السيد ناصر بوريطة، قد زار الجزائر بدعوة من نظيره الجزائري، السيد نور الدين عوام، شهر فيفري الماضي، لتقييم هذه العلاقات الثنائية، حيث أشارت مصادر دبلوماسية بخصوص الزيارة، إلى أنها تندرج ضمن سلسلة المشاورات التي تجريها وزارتا خارجية البلدين، بهدف إجراء تقييم صريح وصادق للعلاقات الثنائية، مع تحديد سويا الشروط الكفيلة بتعزيزها بشكل تدريجي وبراغماتي، من أجل إضفاء طابع متزن وثابت على الديناميكية البناءة التي شهدت دفعا بفضل تبادل الزيارات الوزارية خلال السنة المنصرمة. غير أن الصفاء المؤقت الذي ميّز في بعض الفترات أجواء العلاقات، سرعان ما يتبدد بسبب الحملات الإعلامية المغربية ضد الجزائر، حيث سبق لوزير الخارجية، السيد مراد مدلسي، أن اتهم المغرب بالتناقض مع نفسه بخصوص استعداده لتطوير العلاقات مع الجزائر، فيما يشن حملة إعلامية ضد المواقف الجزائرية. مشيرا إلى أنه سبق وأن ناقش مع الأشقاء المغربيين بكل رزانة الحملة الإعلامية ضد الجزائر، قائلا في هذا الصدد: "ونحن نسجل بالفعل أن المناخ المترتب عن هذه الإعلانات الإعلامية لا سيما عندما تنشرها وكالة أنباء تابعة لدولة (وكالة الأنباء المغربية)، يتناقض والإرادة السياسية لكل من الجزائر والمغرب في المضي قدما".