دعا حزب التجمع الوطني الديمقراطي في مقترحاته الخاصة بمشروع التعديل الدستوري إلى الإبقاء على النظام السياسي شبه الرئاسي، وذلك لتجنيب البلاد الانسداد المؤسساتي وإشراك كل التيارات السياسية في تسيير شؤون البلاد، كما اقترح تحديد العهدات الرئاسية بعهدتين، وتعزيز صلاحيات الحكومة التي ينبغي حسبه أن تكون مسؤولة عن برنامجها المصادق عليه من قبل البرلمان، مع حصر التشريع بالأوامر الرئاسية في الحالات الاستثنائية العاجلة فقط. وبرأي رئيس الكتلة البرلمانية للتجمع، السيد ميلود شرفي، فإن تمسك الأرندي بخيار النظام السياسي شبه الرئاسي يبرره أيضا عدم ترك مهام تسيير شؤون الدولة لهيمنة ثنائية حزبية مثلما هو حاصل في النظامين الرئاسي والبرلماني، فيما أشار النائب السابق بالبرلمان عن حزب الأرندي، الدكتور مسعود شيهوب، خلال الندوة التي عقدها الحزب بمقره لمناقشة مقترحاته حول المشروع، إلى أن النظام السياسي الرئاسي قد يؤدي إلى نظام رئاسوي، "مثلما حدث في بعض دول أمريكا اللاتينية التي حاولت استنساخ النموذج الأمريكي، فصنعت لنفسها أنظمة ديكتاتورية"، أمّا النظام البرلماني فهو نظام يتطابق بشكل أنسب -حسب السيد شيهوب- مع الأنظمة الملكية، مشيرا في نفس السياق إلى أن التجربة البرلمانية في الجزائر لم تصل بعد إلى مستوى تطبيق النظام البرلماني والذي ينتخب فيه رئيس الجمهورية من قبل البرلمان. وقد تطرق الدكتور شيهوب، البرلماني السابق وأستاذ القانون الدستوري بجامعة الأمير عبد القادر بقسنطينة إلى أسباب ودوافع تعديل الدستور، وكذا إلى كيفية تعديله والأحكام القابلة للتعديل في هذا النص القانوني الأعلى للبلاد، مؤكدا بأن من دوافع التعديل، المتغيرات والظروف المستجدة التي تحيط بالبلاد، فضلا عن الاعتبارات السياسية التي تمثلها حالة الجزائر بإعلان رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، في خطابه في 15 أفريل 2011 عن إجراء إصلاحات سياسية معمّقة تستكمل بتعديل الدستور. وفي حين، أكد بأن الجزائر مقبلة على عملية تعديل دستور وليس عملية وضع دستور جديد. رفض الدكتور شيهوب الطرح الداعي إلى إقامة مجلس وطني تأسيسي ثم إعداد دستور جديد للبلاد، مشيرا إلى أن الدول التي عرفت تغييرات كبيرة في الفترة الأخيرة، لازالت وبعد مرور سنتين لدى بعضها لم تصل بعد إلى صياغة دستورها ولازالت تتخبط في مشاكل بسبب هذا الإجراء، كما اعتبر الدعوة إلى إنشاء مجلس تأسيسي وصياغة دستور جديد للجزائر، إنكارا لكل الإنجازات التي تحققت منذ الاستقلال، ودوسا على كافة الدساتير التي أصدرتها الجمهورية بداية من دستور 1963، إلى غاية التعديل الدستوري الأخير في 2008. وانتهى المحاضر إلى التأكيد على ضرورة أن يراعي التعديل الدستوري المقبل انسجام الأحكام والنصوص من جهة، وخصوصيات المجتمع الجزائري من جهة أخرى، مشيرا إلى إمكانية إدراج أحكام جديدة ضمن الفصل الخاص بالثوابت، على غرار الطابع الاجتماعي والطابع الشعبي للمجتمع الجزائري. من جانبه، تناول الأستاذ محمد فادن عضو المجلس الدستوري في مداخلته موضوع هندسة القوانين في إطار الإصلاحات السياسية التي بادر بها رئيس الجمهورية، مؤكدا بأن تأخير مشروع تعديل الدستور إلى ما بعد إصدار قوانين الإصلاحات، كان خيارا صائبا وذلك حتى تشكل تلك القوانين أرضية صلبة لاستكمال المسعى الإصلاحي بتعديل أسمى قانون في الدولة. كما أوضح المتحدث، بأن قوانين الإصلاحات ليست قوانين جديدة وغريبة عن نمط المجتمع الجزائري، بل هي قوانين تمت صياغتها بناء على القوانين الموجودة،"حيث تم الاحتفاظ بنسبة 90 بالمائة من روح القوانين القديمة لبناء النصوص الجديدة"، مستنكرا بالمناسبة بعض الانتقادات التي حملتها تقارير هيئات دولية للجزائر، والتي تركزت حسب السيد فادن على المحاور التي لم تخدم آمالها وتوقعاتها بحدوث اضطرابات في الجزائر، مثلما حدث في عدد من الدول العربية. من جانب آخر، يقترح التجمع الوطني الديمقراطي حصر التشريع بأوامر رئاسية في حالات استثنائية العاجلة دون سواها، مع وضع أسس ضمان التوزان بين السلطات واستقلالية كل سلطة عن الأخرى وفرض رقابة برلمانية فعّالة على الحكومة. وأشار رئيس الكتلة البرلمانية للحزب، السيد ميلود شرفي، الذي قدم في مداخلته ملخصا عن مقترحات الأرندي، إلى أن هذا الأخير لعب دورا حاسما في عملية تجسيد المشروع الإصلاحي الذي بادر به الرئيس بوتفليقة، حيث كان من الداعمين الأوائل له وساهم في بلورته وإثرائه وإبعاده عن المزايدات السياسية التي أرادت المساس بجوهر هذه الإصلاحات. على صعيد آخر، كشفت السيدة نوارة سعدية جعفر المكلفة بالاتصال في اللجنة التقنية التي نصبها الحزب للتحضير للمؤتمر الرابع، أن التحضيرات جارية لعقد الدورة الاستثنائية للمجلس الوطني للأرندي في 20 جوان المقبل، أشارت في سياق متصل إلى تشكيل لجنة وطنية للطعون، تعمل حاليا على النظر في شكاوى بعض المناضلين الذين تم إقصاؤهم من الحزب، مؤكدا بأن الهدف الأساسي من عمل هذه اللجنة، هو إعادة تجميع أبناء الحزب ولم شملهم، فيما لا تعني عملية الإدماج حسبها "الأشخاص الذين خرجوا عن صفوف الحزب وأنشئوا أحزابهم الخاصة".