أكد الحقوقي محمد فادن اليوم الأحد، بأن تسبيق مراجعة القوانين العضوية المندرجة ضمن مسار الإصلاحات السياسية على تعديل الدستور مرده الظروف التي تمر بها الجزائر و التي تستدعي البدء بوضع أرضية سياسية صلبة. و في تدخله خلال يوم برلماني من تنظيم التجمع الوطني الديمقراطي تمحور حول "هندسة القوانين في ظل الإصلاحات السياسية", أكد العضو السابق بالمجلس الدستوري أنه "على الرغم من أن تدرج القوانين يجعل الدستور أسمى في الظروف العادية إلا أنه و بالنسبة للجزائر كان هناك مشروع سياسي يفضي إلى تعديل الدستور". و أوضح في هذا الإطار بأنه و في ظل هذه الظروف "كان يتعين تشكيل أرضية سياسية صلبة" استنادا إلى المعايير الدولية التي تنص على "ضرورة تكريس نظام إنتخابي معقول و فتح المجال السمعي-البصري و تكوين أحزاب سياسية و جمعيات...". و أضاف فادن بأن المؤسستين التشريعية و الدستورية تحركتا خلال هذه الفترة بشكل "غير مسبوق" بحيث "قامتا بعمل لم تقوما به منذ سنة 1988" و هذا بالنظر إلى عدد و حجم القوانين العضوية التي عرضت للمصادقة. كما كان إعداد الترسانة القانونية في هذه المرحلة "مميزا" حيث تم "لأول مرة" --كما قال-- في ظل مشاورات سياسية "واسعة و معمقة". و مما يميز هذه النصوص أيضا --يتابع السيد فادن-- أنها قد "مرت كلها, و دون استثناء, عبر البرلمان بعد أن كانت قد سجلت في وقت سابق انتقادات عديدة بخصوص التشريع بالأوامر" فضلا عن كونها متعلقة في مجملها بالحقوق و الحريات. أما المختص في القانون العام و القاضي السابق مسعود شيهوب فقد أوضح من جهته بأن تعديل الدستور يأتي لإعتبارات عدة من بينها إلتزام رئيس الجمهورية اعبد العزيز بوتفليقة أمام الرأي العام بتعديل الدستور عقب الإنتهاء من الإصلاحات السياسية. و يأتي هذا التعديل أيضا من أجل"إضفاء صياغة منسجمة لمواد الدستور" و هذا بعد خضوعه للعديد من التعديلات الجزئية التي مست بعض أحكامه, الأمر الذي "أدى في بعض الأحيان إلى حدوث إختلالات". كما أنه كان من الضروري --من وجهة نظره-- تكييف الدستور مع التحولات الجديدة التي شهدها المجتمع الجزائري على شتى الأصعدة. و بشأن الإصرار الذي تبديه بعض الأطراف بخصوص إنشاء مجلس تأسيسي، يرى شيهوب بأن هذه الخطوة "ستفتح علينا باب جهنم" بما أن "النقاش سينصب على كل التفاصيل بما فيها البديهيات" مشيرا إلى أنه و حتى من الناحية السياسية "من الصعب على الجزائر الرجوع إلى الوراء بعد مسيرة خمسين سنة".