اللقاء الذي جمع السيدين لمين بشيشي وعلي هارون للحديث عن “إدخال البصري في حرب التحرير”، أمس، بالمتحف العمومي الوطني للفن الحديث والمعاصر، شكّل منبرا لكشف بعض الوقائع التاريخية التي تعنى بثورة أول نوفمبر، بكشف الأهمية البالغة لوسائل الإعلام في توثيق الحقائق، حيث اشتغلا في الإذاعة وجريدة “المقاومة الجزائرية” التي حملت بعد ذلك اسم “المجاهد”. كشف السياسي والمحامي علي هارون أنّه انضم منذ بداية ثورة نوفمبر 1954 إلى جبهة التحرير الوطني، وقد كلفه محمد بوضياف سنة 1957 بإطلاق جريدة “المقاومة الجزائرية” بتطوان المغربية، ثم شارك من 1956 إلى 1957 إلى جانب عبان رمضان في تحرير جريدة “المجاهد”، وحسب المتحدث، فإن صحيفة “المجاهد” مرت بثلاث مراحل أساسية، المرحلة الأولى هي التي كانت تصدر خلالها الجريدة في مدينة الجزائر، وتمتد هذه المرحلة من أول يوم صدرت فيه في جوان 1956 إلى 25 جانفي1957، حيث تمكّن المحتل من اكتشاف مقرها في حي القصبة إبان معركة الجزائر، أما المرحلة الثانية فهي المرحلة التي أصبحت تصدر فيها من مدينة تيطوان بالمغرب من 5 أوت 1957 إلى أول نوفمبر من السنة نفسها، حيث حوّلتها لجنة التنسيق والتنفيذ إلى تونس لتكون قريبة من قيادة الجبهة، أما المرحلة الثالثة والأخيرة، فهي المرحلة التونسية وتمتد من أول نوفمبر 1957 إلى غاية حصول الجزائر على استقلالها، وهي أطول مرحلة مقارنة بالمراحل السابقة. وأضاف المتحدّث، أنّ المرحلة الأولى تميزت بالسرية وعدم إمضاء المقالات، وفي المرحلة المغربية عادت إلى الساحة بشكل جديد، فبعد أن كانت نشرية تسحب على آلة الرونيو أصبحت صحيفة وتسحب في المطبعة، بالإضافة إلى خروجها من السر إلى العلن، والأكثر من ذلك، فقد أعلنت رسميا أنها هي اللسان المركزي الوحيد لجبهة التحرير الوطني والمعبر عنها، وقد صدر خلال هذه الفترة ثلاثة أعداد فقط، وشهدت بروز صور وإمضاءات للمقالات المنشورة، وكانت باللغتين العربية والفرنسية في طبعة واحدة. أما المرحلة التونسية فبدأت عقب انعقاد الدورة الثانية للمجلس الوطني للثورة الجزائرية بالقاهرة التي عقدت من 20 إلى 27 أوت 1957، وفى هذه الفترة تم فصل الطبعة العربية عن الطبعة الفرنسية، وتجدر الإشارة في هذا السياق، إلى أنه عقب استشهاد عبان رمضان (العدد 23 الصادر بتاريخ 7ماي1958 ) تولى الإشراف عليها المجاهد أحمد بومنجل إلى أن تم الإعلان عن الحكومة المؤقتة يوم 19سبتمبر 1958، حيث أصبحت تابعة لوزارة الإعلام تحت إشراف محمد يزيد. من جهته، تناول الوزير الأسبق للاتصال لمين بشيشي في مداخلته موضوع “الإذاعة في الثورة”، وقال إنه إذا كان العربي بن مهيدي هو باعثها، فإن عبد الحفيظ بوصوف هو بلا جدال المؤسس الحقيقي لإذاعة “صوت الجزائر الحرة المكافحة”. وأضاف، أن هذه الإذاعة التي تم إطلاقها يوم 16ديسمبر 1956 في جبال الريف المغربي، عاشت فرقها التحريرية والفنية بأستوديو متنقل حياة الرحل لدواعي أمنية، ولم تدم هذه المرحلة الأولى سوى تسعة أشهر بعد أن ضمنت أن “صوت الجزائر” كان مسموعا على محطات البلدان الشقيقة، فمن الرباط إلى بغداد مرورا بتطوان وطنجة وتونس وطرابلس وبنغازي والقاهرة ودمشق ،كان الرأي العام في العالم العربي يشاطر قضية الشعب الجزائري العادلة وحتى في أوساط الشعب الفرنسي. وبعد إنشاء الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية يوم 19 سبتمبر 1958، أشار بشيشي، أنه بإيحاء من محمد يزيد وزير الإعلام آنذاك، استأنفت إذاعة “صوت الجزائر الحرة المكافحة” بث برامجها يوم 12 جويلية 1959 في الريف المغربي دائما ولكن هذه المرة من الناظور، وقد توقفت عن البث يوم 12 جويلية 1962 بعد استعادة الاستقلال الوطني.