عززت الحكومة صلاحيات خلية معالجة الاستعلام المالي، من خلال المرسوم التنفيذي الصادر في العدد الأخير من الجريدة الرسمية، وذلك قصد التضييق على عمليات تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وتتمثل هذه الصلاحيات بالخصوص في توقيع الخلية على بروتوكولات اتفاق وتبادل المعلومات مع السلطات المختصة. وبذلك يؤكد المرسوم الذي وقعه الوزير الأول، السيد عبد المالك سلال، إرادة الدولة في تعزيز إجراءات مكافحة الفساد، في الوقت الذي تثار فيه قضايا الاختلاس وسلب المال العام عبر وسائل الإعلام، الأمر الذي استدعى تدخل رئيس الجمهورية في عدة مناسبات، حيث توعد المتهمين، إن ثبتت إدانتهم، بتطبيق القانون في حقهم. وبمقتضى هذا المرسوم سيتسنى للخلية التي أنشئت سنة 2002 في إطار مكافحة الجريمة الاقتصادية لاسيما فيما يتعلق بتبييض الأموال وتمويل الجماعات الإرهابية، مراقبة حركة الأموال المشتبه في مصادرها ووجهتها. وتتمثل التعديلات التي أدخلت في الخلية في تحويلها من مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي الذي نص عليه مرسوم أفريل 2002 إلى سلطة إدارية مستقلة تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي، حيث توضع لدى الوزير المكلف بالمالية لضمان هذه الاستقلالية والتزام الحياد والموضوعية عند إجراء التحقيقات والبحث عن مصادر الأموال المشبوهة. وفي سياق هذه الصلاحيات الإضافية، سيكون بإمكان الخلية إصدار خطوط توجيهية وتعليمات وخطوط سلوكية بالاتصال مع المؤسسات والأجهزة المتمتعة بسلطة الضبط والمراقبة أو الرقابة في إطار تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحتهما، إلى جانب صلاحية التوقيع على بروتوكولات اتفاق وتبادل المعلومات مع السلطات المختصة لأداء مهامها المتمثلة في استلام تصريحات الاشتباه المتعلقة بكل عمليات تمويل الإرهاب أو تبييض الأموال التي ترسلها إلى الهيئات والأشخاص الذين يعينهم القانون، كما تعالج تصريحات الاشتباه بكل الوسائل. وفيما يتعلق بالتنظيم الداخلي للخلية، فقد حدد المرسوم راتب الإطارات، إذ أن رئيس المجلس يصنف ويدفع راتبه استنادا إلى وظيفة مدير عام في إدارة مركزية، بينما يصنف أعضاء المجلس وتدفع رواتبهم استنادا إلى وظيفة رئيس قسم، أما الأمين العام ورؤساء المصالح، فيتم تعيينهم بمقرر من رئيس الخلية ويصنفون وتسلم رواتبهم بناء على ما يعادل مدير ونائب مدير في الإدارة المركزية. يذكر أن خلية الاستعلام المالي التابعة لوزارة المالية تعد واحدة من الآليات التي تعتمد عليها الجزائر منذ مصادقتها على عدة اتفاقيات دولية، في مجال مكافحة تبييض الأموال وتجفيف منابع تمويل الإرهاب. يذكر أن عدد القضايا التي درستها وعالجتها وحولتها خلية الاستعلام المالي إلى العدالة بلغ مؤخرا 7 ملفات، حيث أنها تتحرى حول 108 تقارير سرية تتعلق بإخطارات الشبهة التي أرسلتها عدة مؤسسات خلال 2012 سنة. وكان رئيس خلية الاستعلام المالي، السيد عبد النور حيبوش، قد أشار في وقت سابق إلى وجود عدد كبير من الملفات التي عالجتها العدالة في إطار التصدي للجريمة المنظمة لاسيما المتعلقة منها بتبييض الأموال، ليؤكد أن التقارير السرية التي تأتي من البنك المركزي ومن إدارة الضرائب والجمارك، ورد منها في 2010 أكثر من 2000 تقرير إخطار بالشبهة، وفي 2011 كان هناك 394 تقريرا، أما في 2012 فوردت 108 تقارير، في إشارة إلى أن العدد في انخفاض نتيجة تجند البنك المركزي ومراقبته المشددة على المؤسسات المالية لمكافحة تبييض الأموال. وقد كشف رئيس الخلية أن النظام الذي أصدره بنك الجزائر، يقضي بتشديد الرقابة على حسابات الأشخاص الأجانب في البنوك الوطنية، أو ما يعرف ب«الأشخاص المعرضين سياسيا". مشيرا إلى أن ذلك يدخل في إطار التدابير الخاصة بمحاربة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحتهما طبقا للمعايير الدولية. للإشارة، فإن الخلية بدأت عملها ميدانيا سنة 2005 وتسلمت 11 تصريحا بالشبهة، ففي سنة 2011 سُجل 2576 تصريحا بالشبهة، حيث أن التصريحات تأتي من المؤسسات المالية ومن بعض الإدارات كالبنك المركزي والضرائب والجمارك دون غيرها، وقد انخفضت إلى 173 تصريحا سنة 2012. يذكر أنه بالموازاة مع خلية الاستعلامات المالية، يوجد القانون الذي صدر سنة 2006، والذي يحتوي على هيئات متخصصة كالهيئة الوطنية للوقاية من الفساد التابعة لرئيس الجمهورية والديوان الوطني لمكافحة الفساد التابع لوزارة المالية، إلى جانب القانون 05/ 01 الصادر في فيفري 2005، والذي تم تعديله في فيفري 2012، ويلزم المؤسسات غير المالية بإرسال الإخطارات بالشبهة، كما يحدد دور الخلية للتقرب من المؤسسات بغية تحسيسها وتوجيهها عبر الهيئات التي تشرف على المهن غير المالية.