استأنفت المطربة الكبيرة السيدة ثريا بقسنطينة، تصوير مشاهد فيلم تناول مسيرتها الفنية، التي انطلقت منذ منتصف خمسينيات القرن الماضي، ومن المنتظر أن يتم عرضه شهر رمضان. الفنانة وإضافة إلى حضورها، أمدّت البرنامج بأرشيف صور نادر، خاص بفترتي الثورة والاستقلال؛ حيث ساهمت في الثورة سواء في الجزائر أو تونس أو باريس، فلقد كانت تخيط الأعلام وتحمل الوثائق السرية، وعملت تحت إشراف المجاهدة بهية فرح، كما كانت عضوا فعالا في فرقة جبهة التحرير الوطني، وتنقّلت معها في رحلاتها، كانت آخرها رحلتها إلى موسكو، ثم انسحبت منها نتيجة تدهور حالتها الصحية، لكنها حرصت على إحياء حفل الاستقلال، وكان ذلك بباريس تحت رعاية أول سفير جزائري بفرنسا، وهو الراحل المجاهد موساوي. عاشت ثريا مرارة الاستعمار، ورأت كيف كانت عائلتها تعيش مع آلاف اللاجئين على الأراضي التونسية بعيدا عن الوطن. علاقتها بالوسط الفني كانت وثيقة خاصة مع الراحل مصطفى كاتب والفرڤاني وغيرهما، ولازالت كذلك إلى اليوم. تعرض السيدة ثريا أيضا خلال هذا العمل علاقتها الحميمة بأمها؛ مدينة قسنطينة، التي لا تطيق فراقها، ففيها شربت أصول الفن الجزائري الأصيل، وكانت بدايتها مع الشيخ الفرڤاني، وبالتالي فإنها أول سيدة تؤدي المالوف “رسميا” على الركح رغم أداء زهور فرڤاني لهذا النوع، لكنها كانت تؤدي نوع الفقيرات (أعراس وجلسات عائلية) بعيدا عن المسرح والجمهور. قدّم لها الفرڤاني العديد من الأغاني؛ حيث أدت السيدة ثريا له مثلا، “فارقوني” و”يا باهي الجمال” وغيرهما، وهكذا اشتهرت بأدائها للمالوف في الجزائروتونس. اعتبرت السيدة ثريا الأغنية سلاحا ضد الاستعمار، فكانت تؤدي بعض الأغاني لتوعية الشعب ولتمرير رسائل وطنية، واشتهرت سنة 1958 بأغنيتها “ما ندّي غير ولد بلادي”، كما حرصت بعد الاستقلال على أصالة أغانيها التي تمثل هوية الجزائر الثقافية. استقرت الفنانة لسنوات طويلة بالقاهرة وحاولت نقل التراث الجزائري إلى الغرب، وقد نجحت إلى حد كبير في ذلك؛ حيث رأت أن تراثنا مطلوب ومحبوب، فأدت السيدة ثريا بعض روائع تراثنا الوطني مع أشهر فرقة موسيقية عربية، وهي “الماسية” (أسّسها الراحل عبد الحليم)، وغنت “نارك يا بو نارين” بمشاركة كورال مصري، كما تعاونت مع الراحل بليغ حمدي في هذا المجال. تعاونت السيدة ثريا مع كبار الملحنين العرب، منهم بليغ حمدي، الذي لحّن لها “غلامة”، ومحمد الموجي وعطية شرارة (سيدي سيدي) و”دخيل الله”، كما لحّن لها الهادي الجويني “رمانة” من تونس، وحلمي بكر “راح مني قلبك”. وتعاملت مع أغلب الملحنين الجزائريين منهم تيسير عقلة، سحنون ودحمان الحراشي في أغنية “غاب عليّ حبيب قلبي” و”اللي يزرع الريح” وغيرهم من الملحنين. خاضت تجربة التمثيل في الجزائروتونس، لكنها لم تستمر فيها، كما كتبت العديد من النصوص والسيناريوهات منها “ابن الشهيد”، وللفنانة باع في الرسم، وتهوى الريشة إلى اليوم. شاركت الفنانة منذ أسبوعين في تمثيلية إذاعية في برنامج “تحيا بكم” على القناة الأولى لمراد زيروني. الفنانة أم ل 5 أبناء، سبق للجزائر وأن كرّمتها في العديد من المرات، كما كُرّمت بالقاهرة وباريس.