لم تتمكن الفنانة الجزائرية «وردة» من حضور الاحتفالات المخلدة للذكرى الخمسين لاسترجاع الإستقلال بعدما سبقها الموت وهي تتحضر لتقديم أحدث أعمالها «لا زلنا واقفين» للجزائريين في هذه المناسبة. وحظيت الفنانة طيلة مسيرتها التي امتدت لعقود، باحترام أجيال كاملة من الفنانين التي كانت ترى فيها نافذة مفتوحة على الطرب الأصيل والمحترم في وقت يشهد تصاعدا غير مسبوق ل«الانحلال الفني»، وهبوط الذوق إلى مستويات «سحيقة». وأمر الرئيس بوتفليقة بتخصيص طائرة رئاسية لنقل جثمان الفقيدة من القاهرة، حيث أقيمت بعد ظهر أمس، صلاة الجنازة عليها بمسجد «صلاح الدين» في قلب العاصمة المصرية قبل نقلها إلى الجزائر لتدفن ب«مقبرة العالية» في العاصمة هذا اليوم. واعتبرت وزيرة الثقافة خليدة تومي أن الراحلة تعد «بنت العائلة الثورية»، فهي صاحبة الروائع «نداء الضمير» و«كلنا جميلة» و«الصاعدون إلى الجبال»، مضيفة «كانت رمزا للنضال خلال الثورة ورمزا للعطاء بمواكبتها مسيرة بناء وتشييد وطنها الأكبر منذ فجر الاستقلال، فجاءت من بعيد بعدنا إليك جزائرنا الحبيبة، لتشاطر أفراح شعبها، فأطربته بعيد الكرامة وبلادي أحبك». وقالت وزيرة الثقافة أيضا «في ذكرى استرجاع الاستقلال الخمسين، حثت أبناء وطنها على التحدي والصمود، وأوصتهم على أن يبقوا واقفين». وكانت السيدة وردة، واسمها الأصلي وردة فتوكي، قد انتقلت إلى رحمة الله، مساء أول أمس بالقاهرة عن عمر ناهز 72 عاما، إثر سكتة قلبية. وولدت «سيدة الطرب العربي»، كما تلقب، سنة 1939 بفرنسا، وهي من أم لبنانية وأب جزائري يدعى محمد فتوكي، وينحدر من ولاية سوق أهراس. وبدأت «وردة» الغناء في سن مبكرة خلال الخمسينات في مؤسسة فنية كان يملكلها والدها قبل أن تباشر مشوارا فنيا ثريا في المشرق العربي. وفي سنة 1972 شاركت بدعوة من الرئيس الراحل هواري بومدين في احتفالات الذكرى العاشرة لاسترجاع الاستقلال، بعدما اعتزلت لفترة، حيث أدت آنذاك أغنية «من بعيد» تخليدا لذكرى شهداء ثورة التحرير. كما أن الراحلة التي اشتهرت بأغاني الحب التي كتبتها ولحنتها أسماء بارزة للأغنية الشرقية أمثال محمد الموجي ورياض السمباطي ومحمد عبد الوهاب وبليغ حمدي الذي كان زوجا لها خلال فترة معينة؛ معروفة بأدائها لروائع كرست نضال الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي من بينها «عيد الكرامة» و«الصومام» و«بلادي أحبك» التي أدتها خلال أعياد وطنية كثيرة. من ناحية أخرى، كان لهذه الفنانة تجربة في السينما خصوصا، في فيلمي «صوت الحب» و«حكايتي مع الزمان» اللذين أدت فيهما البعض من أغانيها البارزة. وخلال التسعينات؛ شرعت في أداء الأغنية القصيرة من خلال فرض وجودها ضمن جيل المطربين الشباب بفضل أغاني «حرمت أحبك» و«بتوّنس بيك» و«نار الغيرة» و«الغربة» و«يا خسارة» وغيرها. وتم تسويق أكثر من 20 مليون «ألبوم» للسيدة وردة، ويمتد الرصيد الفني للراحلة على مدار أكثر من 300 أغنية شكلت «مدرسة» نهلت منها أجيال عديدة.