توجهت الأنظار أمس باتجاه مصر، في ظل اشتداد القبضة بين حكومة مؤقتة هددت باستخدام القوة لفض الاعتصامات المؤيدة للرئيس المعزول محمد مرسي ومتظاهرين مصرين على موقفهم إلى غاية عودة هذا الأخير إلى منصبه. لم يثن تهديد الحكومة المؤقتة المصرية بفض الاعتصامات المؤيدة للرئيس المعزول باستخدام القوة، من الخروج بمسيرات وتنظيم مظاهرات ضخمة أمس في كافة أنحاء البلاد، في مشهد شد وجذب بين طرفين مواقفهما متناقضة حد النفير وتنذر بما هو أسوا. ومباشرة بعد صلاة الجمعة، خرجت مسيرات عارمة ومظاهرات حاشدة استجابة للدعوة التي أطلقها “الائتلاف المناهض للانقلاب ودعم الشرعية”، بمواصلة ما وصفه ب«الكفاح السلمي” تحت شعار :«الشعب يريد عودة الشرعية”. وكان اليوم الأول من عيد الفطر قد عكس حالة انقسام خطير في الشارع المصري، أدى خلالها أنصار الرئيس المعزول صلاة العيد بميدان رابعة العدوية، بينما أدى معارضوه صلاة العيد إلى جانب ضباط في الجيش بميدان التحرير. وتراهن حركة الإخوان المسلمين على تزايد الحشود أيام عيد الفطر في استعراض للقوة، تريد من خلاله التأكيد على تمسكها بموقفها في “لا تفاوض ولا تراجع” عن عودة الرئيس المعزول مهما كانت تهديدات الحكومة المؤقتة التي نصبتها المؤسسة العسكرية بعد عزلها مرسي في الثالث جويلية الماضي. وكان رئيس الحكومة حازم الببلاوي، قد جدد تهديده بتدخل قوات الأمن لتفريق الاعتصامين بميداني رابعة العدوية والنهضة بالعاصمة القاهرة. وقال إن الأمور “تقترب من اللحظات التي أرجو أن لا نصل إليها”. وأضاف أنه “لا تصالح مع العنف ولا تسامح مع السلاح”. وازدادت الأزمة المصرية تعقيدا في الأيام القليلة الماضية، في ظل فشل الوساطة التي قادها العديد من المبعوثين الدوليين ضمن مسعى لإيجاد حل ينهي حالة الاحتقان التي تكاد ترمي بمصر إلى المجهول. وكانت الرئاسة المصرية، قد أعلنت فشل كل مساعي الوساطة التي قادها مبعوثون أمريكيون في مقدمتهم السيناتور جون ماكين ونائب وزير الخارجية الأمريكي وليام برنز، إضافة إلى موفدين عن قطر والإمارات العربية وألمانيا والاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي، الذين فشلوا جميعهم في إقناع قادة الإخوان بقبول خارطة الطريق التي أعدها الجيش المصري لاحتواء الأزمة المستعصية في البلاد. وهو ما جعل المخاوف الدولية تتصاعد من احتمالات انزلاق الوضع في مصر إلى ما لا يحمد عقباه، خاصة وأن أكثر من 250 شخصا كانوا قد لقوا مصرعهم في المظاهرات الاحتجاجية التي اندلعت مباشرة بعد عزل الجيش لمرسي في الثالث جويلية الماضي. وهي المخاوف التي دفعت بوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف للتأكيد، بأن مبعوثي الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون سيعملان بشكل نشط على حل الوضع في مصر. وجاء تأكيد لافروف في تصريحات أدلى بها بعد اجتماعه أمس مع الأمين العام الأممي، ولم يخف خلالها مخاوفه ومخاوف مون إزاء الوضع في مصر، وتأثيره المحتمل على المنطقة بأكملها”. ونفس المخاوف عبر عنها مرشد الثورة الإيراني آية الله علي خامينئي، الذي حذر من حرب أهلية في مصر. وقال في كلمة له بمناسبة احتفالات عيد الفطر “إننا قلقون مما يحدث في مصر... فاحتمالات اندلاع حرب أهلية تزداد يوما بعد يوم، وهو ما يعني الكارثة”. ودعا الشعب المصري والمسؤولين السياسيين والدينيين وكل المثقفين إلى ضرورة فهم مخاطر استمرار مثل هذه الوضعية، محذرا في الوقت نفسه من أنه في “حال اندلعت الحرب، فإنه لا شيء يمكن له إيقافها”.